والتجانية سلسلة واحدة تبدأ من الخلوتية عن طريق الشيخ محمود الكردي، وقد ذكرها الشيخ التجاني نفسه، وتبنى هذه السلسلة التي تصله بالإمام علي إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى جبريل، مرورا بالحسن البصري وحبيب العجمي وأبي القاسم الجنيد، والحفني المصري، ثم محمود الكردي، ولكن مصادر التجانية تذهب إلى أن الشيخ قد تخلى عن جميع الطرق بعد أن ظهر له الفتح الكبير (رؤية الرسول (صلى الله عليه وسلم)) في بوسمغون، وهو الذي أمره، كما يقولون، بترك جميع الطرق، لأنه هو الذي سيقوده ويتوسط له عند الله ويكون المساعد الاحتياطي له، ومن ثمة أخذ التجاني يعلم أتباعه قواعد طريقة جديدة، ومنها الذكر الخاص بها والذي يقولون إن الرسول (صلى الله عليه وسلم) هو الذي علمه إياه، وقد فرض التجاني على أتباعه شرطا لم يكن موجودا في الطرق الأخرى من قبل وهو عدم الانضمام لأية طريقة أخرى، وإذا فعلوا ذلك فإنه ينالهم الطرد من حضرة الله واللعنة منه، وسنعمد لنوعية الذكر الذي يردده التجانيون.
أما النقطة الثانية والتي قلنا إنها عسكرية فترجع إلى علاقة التجانية بالنظام العثماني السياسي وقت انتشارها وإلى حدود سنة ١٨٣٠، وقد عرفنا أن علاقة هذا النظام بالطرق الصوفية عموما لم تكن على ما يرام في الثلاثين سنة الأخيرة قبل الاحتلال الفرنسي، فقد هاجر أحمد التجاني نفسه إلى المغرب بعد أن أحس بالمضايقات في الجزائر من جانب بايات الغرب، وقد وجد تكريما خاصا من سلطان المغرب، المولى سليمان، وعرفنا أن محمد بن عبد الرحمن الأزهري قد اتهم بالزندقة، ونصب له مجلس لمناظرته على يد المفتي علي بن عبد القادر بن الأمين الأزهري، ثم ترك في حال سبيله، وثارت الطريقة الدرقاوية ثورتها المشهورة في غرب البلاد وحتى في شرقها، حتى قال بعض الباحثين إن اسم (الدرقاوة) كان يعني الثورة والتمرد، كما تعني ربما كلمة (فلاقة) في العهد الفرنسي، واخر ما نشير إليه هو ما تعرض له شيخ القادرية (محيي الدين) وولده عبد القادر على يد الباي حسن بوهران، حين عزما على الحج، ومن ضحايا العثمانيين في هذه الظروف أيضا