للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسالة الأمير، أنه خليفة الله في أرضه، وكان الأمير قد خاب ظنه في التجاني بعد الاطلاع على رسائله وتصريحاته، فقد كان يعتبره من المرابطين، ويعامله معاملة أهل الخير (وأحد أعيان الوطن).

ويعتقد جورج ايفير Yver أن الأمير قد لجأ إلى هذا الأسلوب لكي يقنع السلطان عبد الرحمن بن هشام بخطأ موقف التجاني، ولكي يستعطف تعاون المغاربة معه، سيما إرسال الأسلحة والمعدات الحربية التي ذكرها الأمير في رسالته إلى ممثله ابن جلون، ومن المفيد أن نلاحظ أن الأمير كان يخطط للحرب ضد الفرنسيين بعد ذلك، فقد كشف في رسالته المذكورة أن هؤلاء كانوا يستعدون لاستئناف الحرب معه بعد أن احتلوا قسنطينة، وكان الصلح معه من أجل قضاء مآربهم، وكان الأمير مسرعا في تنظيم البلاد وتوحيدها قبل استئناف الحرب مع الفرنسيين، وقد قال عن العدو: (وما أخرنا عن عداوته (أي حربه) إلا جمع الحرج (الآلة العسكرية) والإقامة (المؤونة)) (١). وبناء على هذه الرؤية فإن إخضاع التجاني كان يدخل في توحيد البلاد والحصول على اعتراف الجميع بسلطة مركزية واحدة (٢).

وكذلك يؤكد كلام (رين) إصرار التجاني والحاج علي التماسيني على عدم الانضمام إلى حركة الأمير، عن منطق وقناعة، إذ يقول إنهما كانا على يقين من أن الأمير سيفشل لا محالة في حربه ضد فرنسا وأنهما لن يجنيا شيئا منه حتى ولو نجح، لأن التل يقع بين يدي طرق صوفية أخرى أقدم من


(١) جورج ايفير، رسالة الأمير إلى ممثله بفاس، مرجع سابق، ص ٩٨، وقد أرسل الأمير الرسالة بتاريخ ٨ غشت ١٨٣٨ أثناء حصاره لبلدة عين ماضي، وعن حلول الأمير بالناحية الشرقية (الونوغة) انظر بيربروجر (رحلة إلى معسكر الأمير). باريس.
(٢) يجب أن نتذكر بأن محمد الصغير التجاني قد فضل السلم على الحرب ضد العثمانيين قبل الاحتلال، خلافا لأخيه محمد الكبير الذي قتل في معسكر، وتذهب الروايات إلى أنه شخصية تفضل السلم على الحرب، ومما يثبت ذلك أنه لم يقد القتال بنفسه خلال حصار عين ماضي.

<<  <  ج: ص:  >  >>