للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علي التماسيني، وكان أولاد محمد الصغير التجاني، ينظرون بعين السخط إلى هذا الوضع حتى كادت الزاويتان تنفصلان، كما أشرنا، ويبدو أن الفرنسيين لم يقرروا ما إذا كان الجو مناسبا لإعلان أحمد التجاني، على ما هو عليه، شيخا للطريقة، ولذلك اكتفوا به مقدما، وسمحوا له فقط باستقبال الزيارات، وبقيت أوريلي التجاني - التي لم نعرف أنها غيرت اسمها رسميا إلى اسم إسلامي خلافا للعادة - هي عين الفرنسيين التي ينظرون بها إلى الزاوية والطريقة عموما، ويبدو أن أحمد التجاني كان يشعر بالحرمان من حق البركة، ولذلك لجأ إلى حلول أخرى يلجأ إليها كل محروم، ولكنها بقيت في طي الكتمان، وكذلك أخوه البشير، ولم يظهر من هذه الحلول إلا بعض الدخان، وفي إحدى المرات ذهب أحمد إلى تماسين لمحاولة رأب الصدع وإيجاد حل لقضية الوراثة والجبايات، ولكنه توفي في الزاوية التجانية في قمار سنة ١٨٩٧، كما ذكرنا آنفا.

وبمناسبة وفاته أقيم لأحمد التجاني حفل تأبين في الجامع الجديد بالعاصمة، وهو حفل رسمي جدا، الغرض منه ليس خدمة المرحوم ولكن خدمة الأحياء من الفرنسيين وغيرهم، وقد طبع محضر الحفل على نفقة الحكومة العامة في الجزائر في نفس السنة (١). حضر الحفل المدنيون والعسكريون الفرنسيون يتقدمهم الحاكم العام نفسه، جول كامبون، كما حضر السلك الديني من المسلمين وعلى رأسهم المفتون والقضاة ورؤساء الطرق الصوفية، بالإضافة إلى أعيان المسلمين من أغوات ونحوهم، وكانت الحفلة مناسبة لذكر خصائل المرحوم ومحاسن أبيه وفضل التجانية على فرنسا، مع ذكر كل حادثة جديرة بالتنويه.

ونعود إلى البداية ونسوق لغة الفرنسيين، فمحمد الصغير (الذي يسمى هنا الحبيب) قاوم حصار الأمير ثمانية أشهر وامتنع من ملاقاة عدو فرنسا


(١) ط، فونتانة، ١٣١٤/ ١٨٩٧، موجود بحذافيره في زوزو (نصوص). مرجع سابق، ٢٥١ - ٢٥٧، انظر أيضا عنه (إفريقية الفرنسية) (ابريل، ١٨٩٧). وكذلك ديبون وكوبولاني، مرجع سابق، ص ٤٢٦ - ٤٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>