بعد وفاة الشيخ أحمد، كانت البركة ما تزال في الشيخ محمد بن محمد العيد التماسيني، ورأت فرنسا أنه آن الأوان أن تفعل عدة أمور محافظة على مصالحها في الصحراء وإفريقية عن طريق التجانية، وبإشارة من الحاكم العام، جول كامبون، تزوج البشير التجاني من أرملة أخيه، أوريلي بيكار، وهكذا بقي قصر كوردان (عامرا). وكان أحمد قد ترك ولدين من هذه المرأة، الأمر الثاني الذي فعله الفرنسيون هو إعادة البركة إلى زاوية عين ماضي في شخص الشيخ البشير هذه المرة، رغم أن الشيخ محمد بن محمد العيد كان يحملها منذ ١٨٩٣، ولكن يبدو أن فرنسا كانت غير مرتاحة له، وكانت تفضل عليه الشيخ محمد العروسي، شيخ زاوية قمار، لاعتبارات سنذكرها، الأمر الثالث هو المحافظة على وحدة الزاوية وعدم ظهور التصدع عليها، ولذلك قال ديبون وكوبولاني: إنه رغم الشقاق بين الزاويتين فإن الخط السياسي لهما ظل هو هو مع الفرنسيين، وقد اعترف الأتباع في الأغواط والمناطق المجاورة بالشيخ البشير كزعيم روحي للطريقة، وتوقع ديبون وكوبولاني أن ينمو نفوذه بالتدرج، وبعد إقامة العلاقات المتماسكة مع زاويتي تماسين وقمار من جهة وأتباع الطريقة في تونس وغيرها أيضا على عهده (أي البشير) من جهة أخرى.
ومن أخبار الشيخ البشير التجاني (وقد سبق الحديث عن نشأته الغامضة) أنه استمر في مشيخة الزاوية بعين ماضي وحمل البركة التجانية إلى وفاته في قمار أيضا سنة ١٩١٢، وكان قد جاء من عين ماضي لتفقد زوايا التجانية بقسنطينة والصحراء الشرقية، وبهذه المناسبة ذكر أنه كان أول من ركب العربة (الكليش) التي يقودها حصانان، قادمأ من تقرت إلى قمار، وقد جاء أتباعه لاستقباله، وكانوا يضعون برانيسهم تحت عجلات العربة ليمنعوها من المرور وليحظوا برؤيته، ثم أصبحت كأنها محمولة من دفع وتدافع هؤلاء الأتباع (١). وأما أرملته (أوريلي) فقد عاشت إلى منتصف الثلاثينات.
...
(١) كوفيه (رئيس المكتب العربي في سوف) مقالة بعنوان: (ملاحظات عن سوف =