العيد، وقد ولد هذا الشيخ سنة ١٢٣٠، وتشيد به المصادر الفرنسية المعاصرة له، سيما دوفيرييه الذي عرفه وصوره وحمل رسائله، كما عرفه رين الذي ألف كتابه تسع سنوات بعد وفاته، وتقول بعض المصادر: إن محمد العيد كان على ثقافة طيبة واستعداد لأداء دور رئيس الزاوية، وأنه حج عن طريق تونس، ويصفه دوفيرييه (١٨٥٩) أنه كان وفيا لتقاليد الطريقة التجانية، وأنه رجل ممتاز ومتعلم وخير وورع، ولذلك كان موضع احترام الجميع، وكان يلقب (بالولي). ويشهد له دوفيرييه أنه هو الذي ساعده، بوصية من الجنرال ديفو، القائد العسكري لإقليم قسنطينة، على الدخول بكل أمن وأمان إلى بلاد الطوارق رغم معارضة مقدمي الطريقة السنوسية، وقد أعطاه محمد العيد لقب التابع للطريقة وهو (الأخ). لحمايته من الأذى، وقلده سبحة الطريقة، فسافر محميا، على أنه عضو في الطريقة التجانية، واستقبله أتباعها وأنصارها على أنه منها فعلا (١).
ويقول رين (١٨٨٤) إن محمد العيد قد سار على نفس النهج الذي سارت عليه الطريقة التجانية بالنسبة للفرنسيين، وأظهر كل التفهم والإخلاص، وكان تأثيره في سوف ووادي ريغ قد سهل كثيرا مهمة الجنرال (ديفو Desvaux) سنة ١٨٥٤ في تأسيس السلطة الفرنسية (الاحتلال) بهذه المنطقة، ولما يمر عليه سوى عام على تقلده شؤون الطريقة، وأنه هو الذي منح دوفيرييه سنة ١٨٦٠ سبحته ووصية إلى إخوانه، وبفضل ذلك حقق دوفيرييه رحلة ناجحة في بلاد الطوارق، ويصفه رين أيضا بأنه كان يدير زاوية تملاحت (تماسين) بحذر وحنكة كبيرين، وكان رئيسا روحيا ناجحا للطريقة، وظل موقفه من فرنسا هو هو، محترما وصحيحا، وكانت له في بلاد الطوارق سياسة حكيمة، وبفضل ورعه وفضائله الشخصية كان يلقب بـ (صديق الجميع). وقد كان موقفه إبان ثورة ١٨٧١ صريحا وسلوكه واضحا فلم يقع بين إخوانه عصيان على سلطته، ولكن تأثير التجانية بين ١٨٦٠ و ١٨٨١ على
(١) نفس المصدر، أورد دو فيرييه صورة للشيخ محمد العيد تحتل صفحة كاملة من كتابه.