للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأطول منه قامة وله بشرة مهجنة وعينان جاحظتان، يمتاز بالذكاء والأنف المفرطح، وله شفتان كبيرتان وشهوانيتان، وكان معمر رجلا حيويا أيضا وهو الرجل الرئيسي في العائلة، حتى أن أخاه محمد العيد، على سمو مقامه الديني والروحي، يتبع نصائحه ويشاوره في أموره، سيما فيما يتعلق بالفرنسيين.

وسلطة محمد العيد الروحية، حسب رأي فيليب، كانت قوية في الجنوب إذ يمتد نفوذه إلى جبل الهقار، كان محمد العيد يبتعد عن المسيحيين بغرض المحافظة على سمعته الدينية عند أتباع الطريقة، فهو لا يتصل بالفرنسيين في المسائل الإدارية، تاركا ذلك لأخيه معمر الذي يقوم بمختلف شؤون الدنيا، ويقول فيليب: إن محمد العيد قد حقق غرضه من سياسته، ذلك أن الطرق المنافسة للتجانية لم تجد ثغرة تدخل منها لنقدها أو نقده على صلته بالفرنسيين، بينما أخوه معمر هو الذي كان يتصل بالفرنسيين، وهو ليس شيخ زاوية أو مقدمأ للطريقة، رغم أن الجزائريين الآخرين الذين يسميهم الفرنسيون متعصبين وحسادا وأطهارا كانوا ينعتون معمر بأنه الرجل المتعامل مع الكفار، ولذلك حكم فيليب على أن معمر هذا لا يمكنه أن يكون، من أجل ذلك، مقدما للطريقة التجانية، فهو يتناول العشاء مع الجنرالات الفرنسيين، يستقبله الضباط السامون، ويحصل على زيارات (جبايات) الأحباب في الطريقة، ولكنه، حسب رأيه، لا يمكن أن يطمح إلى أن يكون شيخ الطريقة (١). غير أن رأي فيليب كان في غير محله، فقد رأينا من الشجرة العائلية أن معمر هذا قد تولى لفترة قصيرة مشيخة الطريقة مع ذلك، سنة ١٨٩٢، ولعل ذلك هو السبب الذي جعل الفرنسيين يرشحون زاوية عين ماضي لتقود الطريقة التجانية من جديد ابتداء من سنة ١٨٩٧، حين رخصوا للبشير التجاني، الزوج الثاني لأوريلي الفرنسية، ليكون هو حامل البركة بعد أن مز جيل على حادثة الوراثة ونسيها الناس إلا القليل منهم.


(١) فيرناند فيليب (مراحل صحراوية). الجزائر، ٨٨٠ ١، ص ٤٤ - ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>