للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفوذها يمتد إلى تمبكتو والسودان ومصر ومكة، وأن بعض أمراء وملوك الزنوج في إفريقية أعضاء في الطريقة التجانية وهم يقومون بحملات ضد الوثنية في إفريقية الوسطى (١).

وهناك رواية أخرى تتحدث عن الشيخ محمد العيد ودوره في المنطقة بطريقة تختلف في تفاصيلها، ونعني بذلك حديث الضابط فيرناند فيليب سنة ١٨٧٤، أي بضعة شهور فقط قبل وفاة الشيخ، وكان فيليب هذا في حملة الجنرال ليبير ضد الصحراء، وكان ليبير عندئذ هو قائد المنطقة الشرقية التي مقرها قسنطينة، فحين تقدم الموكب الفرنسي من تملاحت (تماسين) وجد في استقباله الشيخ محمد العيد وأخاه معمر، راكبين على بغلين، وقد نزلا عن المركوب تحية للزوار، وتأسفا على أن الموكب لم يقبل دعوتهما لزيارة الزاوية، ولكن لماذا لم يزر الجنرال ليبير الزاوية إذن؟ يقول فيليب: إن الجنرال كان يشك في أن للزاوية التجانية ضلعا في مقتل العربي المملوك، قائد وادي سوف، ولذلك اكتفى بالتوقف بتملاحت (٢). وبعد التحية المعتادة حمل الخدم الشيخ وأركبوه على بغلته ودخل تماسين، أما أخوه معمر الذي كان مكلفا بالحياة المادية والدبلوماسية للزاوية، فقد رافق الموكب الفرنسي إلى بلدة عمر.

يصف فيليب الشيخ محمد العيد بأنه كان في نحو الستين من عمره عند وفاته، وكان رجلا بدينا جدا، وله بشرة داكنة السمرة (وكذلك تظهر صورته في كتاب دو فيرييه) ولحية قصيرة وكلها بيضاء تقريبا، وكان له وجه لا يعبر، إذا تأملته، عن أي شيء، ولكنك تعترف عندما تراه أنه الرجل الذي إذا أراد شيئا تحقق فورا لعدم وجود الوقت لديه، أما أخوه معمر فقد كان أصغر منه سنا


(١) دو فيرييه، مرجع سابق، ص ٣١٠، مع صورة لزاوية تماسين.
(٢) عن حادثة مقتل العربي المملوك، انظر الحركة الوطنية ج ١، لم يكن معروفا عن زعماء التجانية الخروج لاستقبال رجال الدنيا، وقد عرفنا تصرف محمد الصغير في عين ماضي مع الجنرال ماري سنة ١٨٤٤، فلماذا خرج محمد العيدلاستقبال الجنرال ليبير؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>