للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن العلاقات بين السلطات الفرنسية والطريقة التجانية ليست محصورة في الجزائر دافريقية، ولو كان أمرها متعلقا بالجزائر لربما عاملتها فرنسا كما عاملت الطرق الأخرى، ولكن المصلحة البعيدة اقتضت أن تكون بين الطرفين معاملات خاصة، فلا الدرقاوية/ الشاذلية ولا الرحمانية، ولا حتى القادرية كان يمكنها أن تلعب الدور الذي لعبته الطريقة التجانية في إفريقية وداخل الحركات السياسية هناك، وقد لاحظ دو فيرييه أن للتجانية زاوية بين طوارق الأزجر وطوارق الهقار، وهي تقع في مكان يسمى (تيماسينين). وكان قد أنشاها الحاج الفقي حوالي ١٧٠٠. ومن الأكيد أنها لم تكن زاوية تجانية عندئذ لأنها (التجانية) لم تؤسس إلا في آخر القرن ١٨ م، وقد عرفت هذه الزاوية عدة مقدمين، منهم الحاج البكري، الذي قال عنه إنه عاش ١٠٨ سنوات، وتوفي ١٨٣١، والحاج عثمان، والأخير هو الذي لقيه دوفيرييه، وسيرد اسمه في هذا الكتاب، فقد رافق هذا المقدم (الحاج عثمان) دو فيرييه إلى غدامس وأوصى عليه اخنوخن الذي أوصله إلى مرزوق، وكان للتجانية زاوية أخرى في القورارة بمنطقة توات، ومقدمها هو الحاج محمد الفجيجي، وانتشر التيجانيون في إفريقية الوسطى وبورنو وتمبوكو وبلاد الفوتا، وخص دو فيرييه مدينة الوعاد EL-OUAD وتماسين وشنقيط بالنشاط التجاني (١). ونظرا لذلك كله كانت فرنسا في حاجة إلى دعم التجانية، ولكي تحصل على هذا الدعم القوي، عليها أن تحافظ على وحدة الطريقة وقوتها أيضا.

فرغم التوتر الذي شهدته الزاويتان منذ انتخاب محمد الصغير سنة ١٨٧٥ فإن الانفصال الفعلي لم يقع بينهما، ولو حدث ذلك التوتر في طريقة أخرى لشجعه الفرنسيون وكونوا للطريقة الواحدة عدة رؤوس، كما لاحظنا، ولكننا هنا أمام مسألة خاصة، كان الشيخ أحمد التجاني يعتبر نفسه هو


= النيجر، ففعل التجاني ذلك (عن طيب خاطر) ونعته بأنه (رجل مخلص لنا).
(١) دو فيرييه، مرجع سابق، ص ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>