للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفضل من جميع بلاد إفريقية وأعمر وأكثر تجارا وفضلا وأنفذ أسواقا وأوجد سلعة ومتاعا حتى أنهم يسمونها إسطانبول الصغرى. وقد وصف التمغروطي جيش الجزائر عندئذ بأنه شجاع قوي الجأش يقهر النصارى في بلادهم وقال عن الجنود بأنهم (أفضل من رياس القسطنطينية بكثير وأعظم هيئة وأكثر رعبا في قلوب العدو) وعندما وصف ما حل بالسفينتين اللتين ثار فيهما الأسرى الأوروبيون على المسلمين أثناء توجههما إلى إسطانبول بهدايا الجزائر، قال التمغروطي بأن السفينتين كانتا بقيادة رياس من إسطانبول ولو كان رياسهما من الجزائر لما حدث لهما ذلك (١).

وبعد حوالي قرن حل بمدينة الجزائر أديب مغربي آخر فوصفها أوصافا أدبية تدل على ما وصلت إليه العاصمة عندئذ من عظمة وبهاء. فهي عند ابن زاكور ذات جمال باهر (غص ببهجتها كل عدو كافر، لذلك يتربصون بها الدوائر. ويرسلون عليها صواعق لم تعهد في الزمن الغابر) وقد عاين رواءها الذهبي وبحرها الأزرق فذكرته بيت الشاعر:

بلد أعارته الحمامة طوقها ... وكساه حلة ريشه الطاووس

ففيها الحدائق الغناء والقصور الجميلة، وهي بيضاء في الصباح ذهبية في المساء. أما عن علمائها وفضلائها فقد وصفهم بالأعلام والأجلاء والأئمة الفضلاء الذين تفتخر بهم الأمة الإسملامية. وقد درس هو على بعضهم وأجازوه (٢).

ونفس الأوصاف والإعجاب نجدها في كتابات عبد الرحمن الجامعي المغربي أيضا ومصطفى بن رمضان العنابي ومحمد بن ميمون وأحمد بن عمار، وجميعهم من أهل القرن الثاني عشر (١٨ م).


(١) التمغروطي (النفحة المسكية)، ١٣٩.
(٢) ابن زاكور (الرحلة)، ٣. وقد لاحظنا أن قوة الجزائر الاقتصادية والسياسية بلغت ذروتها في القرن الحادي عشر (١٧ م). انظر (مختارات من الشعر العربي) من تحقيقنا، دار الغرب الإسلامي، بيروت ١٩٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>