للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العثماني. وتظهر هذه الأهمية لقسنطينة في كون وهران ظلت تحت الحكم الإسباني إلى سنة ١٢٠٥ (باستثناء فترة قصيرة ١١١٩ - ١١٤٥) وكون مدينة تلمسان قد ضعفت مكانتها خلال هذا العهد. وقد اكتسبت قسنطينة التي دخلت الحكم العثماني في حوالي سنة ٩٣٢ (١) أهميتها من عدة عوامل، كونها مدينة داخلية ومحصنة طبيعيا وبعيدة عن غارات العدو البحرية التي طبعت ذلك العهد، وكونها قريبة من تونس. ومن جهة أخرى فإن بعد قسنطينة عن العاصمة جعل حكامها شبه مستقلين عن السلطة المركزية. وكان إقليم قسنطينة أكبر أقاليم القطر الثلاثة مساحة حتى أن القنصل الأمريكي شيلر، عندما ذكر سكان مدينة الجزائر كلها قد قدر أن نصفهم كانوا في إقليم قسنطينة وحده كما أن بانانتي الإيطالي الذي قدر سكان مدينة الجزائر بمائة وعشرين ألف نسمة، قد جعل سكان مدينة قسنطينة مائة ألف نسمة (٢). وقال الكاتب الفرنسي ديفونتين عن قسنطينة في القرن الثاني عشر (١٨ م) بأنها آهلة جدا بالسكان وأنها أكبر وأجمل من مدينة الجزائر (٣). وتذكر بعض المصادر الأخرى أن عدد سكان المدينة كانوا حوالي تسعة وثلاثين ألف نسمة قبل الاحتلال (٤).


(١) اختلفت الروايات في تاريخ دخول قسنطينة في طاعة العثمانيين، فبعضهم، كالانبيري، يجعله سنة ٩٢٧، أي في عهد خير الدين. وبعضهم، كابن أبي دينار، يجعله سنة ٩٣٢ حين انتهاء الحكم الحفصي فيها. وبعضهم، كالعنتري، يجعله في ولاية فرحات باي سنة ١٠٥٧.
(٢) بانانتي، ١٠٩ وقدر شيلر سكان مدينة قسنطينة وحدها بـ ٢٥ ألف نسمة. أما نوا، الذي كان قنصل أمريكا في تونس، فقد قدر سكان قسنطينة سنة ١٨١٣ بستين ألف نسمة وقال إن الحياة فيها آمنة والمعيشة رخيصة وسكانها مهذبون. انظر نوا، ٣٦٨. وقال أحمد الانبيري، مؤلف كتاب (علاج السفينة في بحر قسنطينة)، إن سكان هذه المدينة قد بلغوا أربعين ألف نسمة. وهذا بالطبع بعد احتلال الفرنسيين لها وفرار بعض العائلات منها ومقتل عدد كبير من سكانها.
(٣) نقل ذلك أندري نوشيه في مجلة (الكراسات التونسية) ١٩٥٥، ٣٧٣.
(٤) نفس المصدر، ٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>