للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثكنات والمساجد والقصور والمدارس. وقد أشار الرحالة الورتلاني في القرن الثاني عشر (١٨ م) إلى أن مدينة قسنطينة تضم خمسة مساجد جمعة، وعاب على ولاتها (وهو يعني الإدارة العثمانية - البايات) عدم اهتمامهم بالأوقاف والمدارس (١) وقد اكتسبت نتيجة ذلك شهرة علمية في العالم الإسلامي لا تضاهيها سوى شهرة فاس والقاهرة. ومن أشهر منشآتها قصر الباي الذي كان ما يزال تحفة فنية وأثرية (٢). والإضافة إلى ذلك كانت هذه المدينة كثيرة الأسواق والدكاكين والحمامات والدور الجميلة الواسعة - كما اشتهرت بصناعة الطرز المحلي والصياغة وغيرها من الصناعات النسائية. وكان دنوش قسنطينة من أغنى دنوش الجزائر حتى أن أهل مدينة الجزائر كانوا ينتظرونه بشوق لأنه بالنسبة إليهم كان مناسبة اجتماعية واقتصادية كبيرة.

٣ - أما تلمسان فقد فقدت كثيرا من سمعتها وقيمتها خلال العهد العثماني. وكان التدهور قد بدأ يحل بها قبل ذلك. فالاحتلال الإسباني لوهران ومرساها الكبير قد أدى إلى تدهور تلمسان الاقتصادي، وكذلك السياسي. وغداة استيلاء العثمانيين على السلطة في الجزائر كان الحسن الوزان (ليون الإفريقي) يصف تلمسان (سنة ٩٢٣) بأنها تحتوي على ثلاثة عشر ألف موقد (حوالي ثمانين ألف نسمة) وأنها كانت تضم عددا من المساجد وخمس مدارس (٣). كما تحدث عن طبقاتها الاجتماعية فقال إنها تضم الصناع والتجار والعلماء والجيش. غير أن النزاع بين الإسبان والعثمانيين في البحر وحول وهران، ثم بين العثمانيين والزيانيين قد أدى إلى زيادة تدهور تلمسان خلال القرن العاشر وبالإضافة إلى التدهور الاقتصادي والسياسي شهدت تلمسان تدهورا اجتماعيا وثقافيا. فقد هاجر عدد من عائلاتها الغنية والعلمية إلى المغرب الأقصى فرارا من الإسبان الذين تدخلوا في شؤون دولة بني زيان عند ضعفها السياسي، ثم فرارا من حكم العثمانيين


(١) الورتلاني (الرحلة) ٦٨٧. من المؤسسات العلمية. انظر الفصل الآتي.
(٢) عن قصر الباي أحمد انظر دراسة فيرو عنه في (روكاي). ١٨٦٧، عدد ١١.
(٣) الحسن الوزان (وصف إفريقية) ٢/ ٣٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>