للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند استيلائهم بالقوة على تلمسان. وبذلك فقدت هذه المدينة عددا من سكانها ذوي النفوذ الاجتماعي والتأثير العلمي. ومن العائلات الشهيرة التي هاجرت إلى المغرب الأقصى عائلة الونشريسي وعائلة المقري (١).

ولم تستعد تلمسان مكانتها العلمية التي كانت تتمتع بها خلال القرنين الثامن والتاسع (١٤، ١٥ م). فقد ظلت خلال العهد العثماني مدينة مهزومة تعاني من التذمر والفقر. وقد حدثت فيها عدة مظاهر للتذمر والثورة نذكر منها ما رواه ابن مريم (في البستان) وما جاء في (كعبة الطائفين) (٢). أما الزعامة السياسية فقد أخذتها في الغرب الجزائري خلال هذا العهد مازونة ومعسكر ومستغانم ثم وهران (٣). وأما التدهور الثقافي فيها فسنتحدث عنه في مكانه من هذا الكتاب.

٤ - وقد حظيت عنابة بازدهار عمراني طيب أثناء هذا العهد باعتبارها المرسى الأساسي لإقليم قسنطينة الفسيح والغنى وباعتبارها أيضا قريبة من نشاط الشركات الأجنبية، وخصوصا الجنوية والفرنسية الباحثة والمصدرة للمرجان وغيره من خيرات البحر والبر. وقد وصفها بيري رايس العثماني بأنها كثيرة الأسود وأن أهلها يجمعون ويبيعون حب عقير كارها (لعله حب العناب) بالميزان إلى أهل السفن. وتحدث عن أهمية نهر السيبوس وراس سيدي مروان ومرسى الخرز الذي قال إن أهل جنوة قد جعلوه مقرا لهم لصيد وبيع المرجان بمبلغ خمسة وثلاثين ألف قطعة ذهب إلى سفن البندقية. وقال أيضا إن حوالي مائتي عامل كانوا في خدمة هؤلاء التجار (٤). وقال عنها


(١) عن هجرة العلماء عموما انظر فصل العلماء من هذا الجزء.
(٢) انظر فقرة الثورات ضد العثمانيين في هذا الفصل.
(٣) بخصوص تلمسان في العهد العثماني انظر دراسة بروسلار في (المجلة الإفريقية) ١٨٦٢. وكذلك أبا حامد المشرفي (ذخيرة الأواخر والأول) مخطوط. و (كعبة الطائفين) و (البستان) لابن مريم.
(٤) (الكتاب البحري) ترجمة مانتران، (مجلة الغرب الإسلامي) ١٥ - ١٦، ١٩٧٣. ١٥٩، وسوشيك (تونس في الكتاب البحري لبيري رايس) (مجلة الأرشيف العثماني) =

<<  <  ج: ص:  >  >>