للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين ينضمون إليها ليسوا بالضرورة من إخوان الطريقة الداعية لها، رغم أن قيادة الثورة والإيمان بها يظل منحصرا في الذين قاموا بها أول مرة، كل ذلك قياسا، فيما يبدو، على أحداث ثورة ١٨٧١.

وقارن رين أيضا بين موقف علي بن عثمان شيخ زاوية طولقة وموقف عزيز الحداد. ورأى أن الأول صحراوي لا يحب العمل ولا التجارة، وكان يعيش بعيدا عن السياسة ومخالطة الفرنسيين، وحياته قائمة على الدين والتعليم والعزلة، ولم يكن رافضا للفرنسيين، أما عزيز فهو ابن الجبل، وكان موظفا عند الفرنسيين ويعرف لغتهم، ومع ذلك انضم للثورة لتحقيق طموحه الشخصي والسياسي، فالثورة لم تكن لصالح الإسلام، في نظر رين، ولكن من أجل المصالح الفردية المادية، إن الفكرة الدينية هنا كانت وسيلة لتحقيق الفكرة السياسية، وعد رين ثورات العمري ١٨٧٦، والأوراس ١٨٧٩، وأولاد سيدي الشيخ ١٨٨٠ - ١٨٨١ على أنها كلها في نظره قد أثبتت أن التعصب الديني ليس إلا عنصرا ثانويا وراية يجتمع حولها الناس (١). ولعل هذه الآراء التي أبداها رين تدخل في موقفه الخاص من الدين، فقد لاحظ عليه البعض أنه كان شخصيا ضد الدين عموما بالمفهوم الأروبي عندئذ، بالإضافة إلى أنه كان ينفي الطابع الوطني للثورات، وكان يلصق بها الأهداف السياسية/ الشخصية فقط، كما رأينا.

ومن أغرب الآراء التي أبداها رين في هذا المجال دعوته إلى إعادة العمل بلقب (شيخ الإسلام) في الجزائر بتقديم شيخ التجانية إلى هذا المنصب (٢). إن فرنسا قد قضت على هذا اللقب في الجزائر بعد الاحتلال.


(١) رين، مرجع سابق، ص ١٠٨ - ١١٤.
(٢) لا ندري من هو الشيخ الذي كان رين يرشحه لمشيخة الإسلام، فأحمد التجاني كانت تحوم حوله شبهات عديدة، ولم يستطع أن يحصل على البركة من شيوخ زاوية تماسين، وقد توفي الشيخ محمد العيد التماسيني سنة ١٨٧٥، وخلفه أخوه محمد الصغير الذي كان معاصرا لرين، فهل كان رين يرشح هذا الشيخ لمنصب شيخ الإسلام في عهد فرنسا؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>