للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حماية الفرنسيين واستفادوا هم من خدمتها ظلت بدون تطور، لأن الخدمات التي قدمها رؤساؤها للفرنسيين قد أضرت بهم لدى المخلصين من قومهم. واعتبر رين ضرب الزوايا وأصحابها خطأ ارتكبته الإدارة لأن ذلك أدى إلى تعاطف الناس معها واختفاء الإخوان حتى أصبح الفرنسيون يجهلون موضع اجتماعهم وعددهم وأماكن إقامة المقدمين منهم.

وقد انتقد رين سياسة بلاده غير المحددة من الطرق الصوفية، ذلك أن فرنسا لم تجرأ على الاعتماد على هذه الطرق علنا ولا على القضاء عليها نهائيا، وهكذا بقيت سياستها، كما قال، مترددة بين اضطهاد في منتهى القسوة أحيانا، ومعاملة في منتهى اللين أحيانا أخرى، فلم تنجح فرنسا لا في زيادة سمعة الأصدقاء ولا في القضاء على سمعة الأعداء، واقترح أن تتبع بلاده سياسة الحكمة وبذل النقود لدى هذه الطرق لتستفيد منها وتتصادق معها وتقلم أظفارها، اقتداء بما كان يفعله حكام مصر والمغرب وتونس واسطانبول مع رجال الدين والتصوف في بلدانهم، ويتجسد ذلك في صيغة خاصة، وهي اعتراف فرنسا بشرعية الرؤساء الذين يمكنهم الانضواء تحت حماية فرنسا ومنحهم مقادير مالية وشرفية، وبذلك يبقون خارج النشاط السياسي منشغلين بمصالحهم، ولكنهم في نفس الوقت يبقون متداخلين مع الفرنسيين ومرتبطين بهم، وينتهي بذلك خطرهم وتأثيرهم على الجماهير.

ويرى رين أن الذي يقف وراء الثورات ليس هو التعصب الديني ولكن الطموحات السياسية والشخصية، أما الدين والجهاد فيتخذان فقط غطاء للأهداف السياسية والشخصية، وهو يقيس على ما جرى بالخصوص في ثورة سنة ١٨٧١ التي كتب عنها كتابا، ورأى أن الجهاد استعمل عندئذ كوسيلة لتحقيق طموحات المقراني وعزيز الحداد، ذلك أن كلا منهما كان موظفا لدى السلطات الفرنسية، الأول باشاغا والثاني قائد، وكان طموح الأول أن يكون خليفة وأن يعاد له النفوذ السابق الذي فقده، بينما كان طموح عزيز أن يكون باشاغا، فاثر عزيز على والده فاعلن الجهاد كوسيلة لجمع الجماهير وتجنيدها، ورأى رين أيضا أن الثورة، مهما كانت، أقوى من الناس، أي أن

<<  <  ج: ص:  >  >>