للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطريقة التجانية، وبذلك يصبح الأتباع موظفين مطمئنين على مستقبلهم، كما يكونون عينا على مقدمي الطرق الأخرى، وسيعملون على إغراء هؤلاء المقدمين بقبول نفس الوظيف المربح فيصبحون غيورين على وظيفهم ومكانتهم الاجتماعية ويتخلون عن مشايعة الثورات، وتنحل عقدة الابتعاد عن الفرنسيين وتجنبهم، وتصبح المصالح هي التي تتحكم في العلاقات، ويقع تذويب شحنة العداء الديني في بوتقة الخدمات العامة، ذلك أن من بين أصحاب الطرق الصوفية من هو مستعد للتعامل مع الفرنسيين وقبول الوظائف منهم، إذا أرضت فرنسا شرفهم ومصلحتهم، وتكسب فرنسا بذلك خدمة كبيرة، ولاحظ رين أن الاندماج الاجتماعي الحقيقي سيكون بالوسيلة التي وصفها وليس بالمراسيم والبنادق والخعطب، وهو في هذا ينتقد أنصار الاندماج عن طريق القوانين (عهد تيرمان) واستعمال القوة العسكرية والخطب البرلمانية والمقالات الصحفية الرنانة، وقال إن الاندماج الحقيقي عنده يكمن في المدرسة والحراثة وسكة الحديد والتجارة ومراعاة المصالح (١). ويهمنا من هذا كله رأيه في توظيف الطرق الصوفية ضد بعضها البعض وجعل بعض أتباعها أيمة ومخبرين (٢) وأدوات جذب لأتباع الطرق الأخرى.

ومنذ الثمانينات ظهر في الطرق الصوفية الاستعداد لتقبل الوظائف الإدارية ونحوها، ولم تعد تكتفي بالاستسلام للأمر الواقع، فقد قبل بعض قادتها وظائف الآغا والقايد، ومنهم من حصل على أوسمة رسمية كالآغا الحاج قدور الصحراوي (تيارت). ولكن القائمة قد فتحت وستظل طويلة، لأن إدماج هؤلاء (الشيوخ) في الحياة الإدارية الجالبة للمال، هو جزء من


(١) نفس المصدر، ص ٥١٦ - ٥٢٠، منذ السبعينات من القرن الماضي، سيما عهد تيرمان (١٨٨٢ - ١٨٩١) عمل الفرنسيون على دمج الجزائر عن طريق القرارات الإدارية دون مراعاة الفوارق.
(٢) استعمل الفرنسيون بعض الأيمة مخبرين فعلا، وقد شهد بذلك رجل فرنسي آخر، وهو أوغسطين بيرك، سبق له أن تولى إدارة الشؤون الأهلية مثل لويس رين. انظر لاحقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>