للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخطط وضع في الستينات، كما سنرى، ومن أبرز القادة الدينيين الذين قبلوا بالوظائف الإدارية منذ الخمسينات هم أولاد سيدي الشيخ الذين أصبح منهم الخليفة والآغا، ويقول رين إن جميع المرابطين قد فهموا أن الفرنسيين سيصلون إليهم بسهولة سواء لأشخاصهم أو لأملاكهم، ولذلك استسلموا ولم يعودوا مضادين لفرنسا، وحتى الذين بقوا مضادين إنما وقفوا ضد (المسيحيين) فقط، فقد كان المرابطون يدفعون الضرائب، ويتبعون التعليمات الإدارية ويطيعون أوامر الشرطة، وهذا لا يتناقض مع ضمائرهم لأنهم يؤمنون بأن الله هو الذي حكم بإعطاء الجزائر للفرنسيين وجعل المسلمين في قبضة المسيحيين، وقد سبق القول بأن رين يعتبر التعصب الديني نادرا عند المرابطين، وأنه تحدث عن تسامح بعض هؤلاء وإنسانيتهم في حالة الشيخ عبد الصمد سنة ١٨٧١ (١).

ولكن رين يعترف أن الطرق الصوفية تظل معرقلة لتقدم الاستعمار، إذ هي تقف ضد (الحضارة) الفرنسية، وتعارض سياسة فرنسا في الجزائر، ورغم أن لها قواعد مكتوبة تقول فيها إنها لا تتدخل في السياسة، فإنه سيكون من الخطأ في نظره الاكتفاء بهذا التصريح وتصديق نواياها في ذلك (٢). فالمراقبة والتدجين واستخدامها ضد بعضها البعض، واستعمال سياسة اللين والرشوة بالنقود ... هي خير الوسائل لجعل الطرق الصوفية في خدمة المصالح الفرنسية.

ومن بين الوسائل التي سكت عنها رين تشجيع الزواج بين المرابطين والفرنسيات، ونحن لم نطلع على خطة مرسومة في ذلك، ولكن بداية الظاهرة في وقت الحديث عن تدجين الطرق الصوفية يجعلنا نشك في أن هناك مخططا مدروسا، ولم يكن أحمد التجاني هو الوحيد الذي بدأ في تطبيق هذا المخطط بل هناك آخرون. تزوج هو من أوريلي التي بقيت (عين)


(١) نفس المصدر (رين). ص ١٤ - ١٧.
(٢) نفس المصدر، ص ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>