للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاجازات والدعوات وتوفير المال بالزيارات وتكثير الأتباع، ويستعمل الشيوخ والمقدمون مختلف الوسائل للتأثير على الإخوان، ومنها الكرامات، وللشيوخ زبائن وخدم دينيون ليسوا بالضرورة متدينيين، ولكن المصالح السياسية تجعلهم يخدمون الطريقة، وقد بسطوا الدين حتى أصبح مجرد أذكار وأوراد يرددونها بأصوات وحركات، والفرق بين طريقة وأخرى كان يتمثل فقط في كيفية ترديد الذكر، والخطورة تكمن في الطاعة العمياء من الأتباع للشيوخ وفي المراسلات التي يجريها هؤلاء مع الخارج، سيما استطانبول، عن طريق جريدة (الجوائب؟) وهي تذكر لها الولاء للإمامة، ونبه فينيون إلى أن للطرق الصوفية عملاء يتجولون في كل وقت وتحت عناوين مختلفة لأنهم يؤمنون بوطن لا حدود له، واعتبر ذلك يمثل ما سماه هجمة العالم الإسلامي على العالم المسيحي (؟)، ورغم وجود خلافات بينها وعدم قدرتها على القيام بعمل مشترك، وأن العرب يطالبون بالخلافة من العثمانيين، وأن بعض الطرق لا تعترف بالسلطان العثماني، رغم ذلك كله فإنهم على استعداد للقيام من أجل انتصار ولو كان مؤقتا، لسياسة الجامعة الإسلامية، انتصار يسكت الخلافات ويجمع العرب إلى الترك، تحت راية واحدة، وبذلك يمثلون خطرا كبيرا على كل الأمم المسيحية التي لها رعايا مسلمون، مثل فرنسا (١).

مما يطلبه الفرنسيون من المعلومات عن شيوخ الطرق الصوفية ومقدميهم جملة من البيانات التي تمس حتى العظم والمخ. وهم يبدأون بمعلومات شخصية عن الفرد، مع وصف دقيق لحياته ومؤهلاته وصفاته وأملاكه، بالإضافة إلى صورته، ثم يأتي تأثيره السياسي والمعنوي وعلاقاته سواء بالجزائريين أو بالفرنسيين، ويأتي بعد ذلك الإفصاح عن تأثيره الديني


(١) فينيون، مرجع سابق، ص ٢٠٧، وقد علق أوغسطين بيرك على هذه المدرسة - رين، فينيون، ديبون، وكوبولاني - بأنهم كانوا متأثرين بحادثة (دريفس) والحملة ضد الماسونية معتبرين الطرق الصوفية كالجمعيات السرية في أروبا. انظر لاحقا. والجدير بالذكر أن فرنسا كانت في ظاهر الأمر، تؤيد القومية العربية والقومية التركية وتعادي الجامعة الإسلامية والسلطة العثمانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>