للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الداخل والخارج، أما الزاوية نفسها فلا بد من وصف لها وإثبات صورتها، وتأريخ تأسيسها، وهل تؤدي أيضا وظيفة المدرسة، وهل هي مؤسسة اجتماعية للإحسان وإيواء الفقراء والضيوف، وهل فيها مسجد للصلاة (١). إن اهتمامهم بالشيخ وزاويته وأفكاره دليل على اهتمامهم بدوره في الحياة، وهم من خلال ذلك يوظفون الوسائل له، كاستعماله المال والسياسة، حسب رين، واستعمال نفوذ طريقته ضد طرق أخرى مخيفة لهم، وتحضير الوسائل الأخرى للتدجين كالزواج والوظيف والوسام.

وفي هذا الصدد أوصى ديبون وكوبولاني، بعد دراسة مستفيضة، بثلاث توصيات على فرنسا تنفيذها لتضمن استمرار استعمارها فى الجزائر وحضورها في العالم الإسلامي:

الوصية الأولى: إقامة العلائق مع الطرق الصوفية، والتمييز بينها، كما ذهب إلى ذلك رين، بغرض وضعها تحت الوصاية الفرنسية، وجعل شيوخها ورجالها أيمة ليس لهم رواتب ولا تابعين للدولة في الظاهر، وهذا اقتراح شبيه باقتراح رين، ولكن رين حصر الإمامة في التجانية وبعض الطرق الأخرى الموالية.

الوصية الثانية: ربط علاقات مع جماهير الأهالي التابعين للطرق الصوفية أو الواقعين تحت تأثيرها و (التسرب) إلى مشاعرها عن طريق وضع اليد Main Mise على الزوايا الموجودة وإظهار التسامح معها في كل مكان، وهو اقتراح يشبه اقتراح رين أيضا حين قال إن على فرنسا أن تستعمل المال والسياسة مع الطرق الصوفية. ولكن توصية ديبون وكوبولاني تضيف إلى ذلك إنشاء زوايا مشابهة ومجاورة للزوايا القائمة، بالتدرج، أي زوايا ضرة تكون تحت سلطة فرنسا، وتحديثها، واستعادة العمل بالخصائص التي كانت للزاوية قديما، إلى هذه الزوايا الجديدة، وهذه الخصائص هي الدين والعبادات، والتعليم، والإحسان.


(١) زوزو، (الأطروحة)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>