نموذج معماري جذاب لهذه (الزاوية الفرنسية) والإكثار منه لدى الحاجة، لأنه بدون شك سيكون نموذجا جذابا إذا وضع إلى جانب الزوايا القديمة التي ما هي إلا أكواخ بالية أو خيام، وستكون الزاوية الجديدة عصرية كما قلنا وذات طابع عمومي، وتقوم بالمهمة الثلاثية التي كانت تقوم بها الزاوية قبل الاحتلال، وهي الدين والتعليم والإحسان.
هذا هو برنامج ديبون وكوبولاني للسيطرة على الزوايا والطرق الصوفية في آخر القرن الماضي، ولإنجاحه اقترحا أيضا إضافات تبدو هامة كإعادة العمل بنظام الأحباس (الأوقاف)، وهو النظام الذي توقف منذ استولت السلطات الفرنسية على الأملاك الإسلامية في ديسمبر ١٨٣٠، وتضمن الاقتراح الجديد حصول فرنسا على العشر من الأحباس إذا ما أعيد إنشاؤها، ويكون ذلك وسيلة لفرنسا لتتدخل في شؤون الزوايا والطرق الصوفية، عن طريق طلب المحاسبة المالية على الملايين التي يتلقاها الشيوخ والتي قدرها صاحبا الاقتراح بثمانية ملايين، ويسمح بإشراف فرنسا أيضا على الأموال المرسلة إلى الخارج للزوايا الأم، كما تظهر فرنسا في نظر الجزائريين بالوجه الكريم العادل فيتسرب كرمها وعدلها إلى مشاعر المسلمين، ومن جهة أخرى يكون الشيوخ مجبورين على إطعام الفقراء والزائرين.
ويتطلب إنجاز هذا البرنامج أيضا تكوين فرقة من (الأطباء الاستعماريين) - هكذا اسمهم في الأصل -، أو الضباط - الأطباء المخصصين للأهالي، مع إمكانية تكوين أطباء من الأهالي أنفسهم لهذا الغرض، وهو المعالجة داخل الزاوية التقليدية، ويزاد إلى الزاوية واجب رابع وهو العلاج - بعد الدين والعلم والإحسان -، ويكون في إمكان الفرد من الأهالي أن يأتي إلى الزاوية للعلاج عند الأطباء الاستعماريين، ولا يكون التعليم في الزاوية تقليديا بل ستدخله اللغة الفرنسية على يد المعلم الفرنسي الذي يعلم لغته في الزاوية الفرنسية - الإسلامية، بينما (الطالب)(١) يعلم القرآن للأولاد.
(١) كلمة (طالب) تستخدم هنا بالمعنى التقليدي أي المؤدب، أو معلم القرآن الكريم.