ويصبح هذا النمط الجديد من الزوايا أيضا مقرا لإجراء العدل الفرنسي حيث يجلس القضاة لإجراء الأحكام ويحببون فرنسا للناس، تماما كما يحبب الإمام الله للمصلين (؟). وما دامت الزاوية فرنسية فإن قوانينها أيضا ستكون فرنسية، وبذلك ستتحول هذه القوانين إلى قوانين إسلامية أيضا برائحة الزاوية وبركة الشيوخ (١).
في نهاية القرن الماضي كانت الطرق الصوفية تخيف الفرنسيين باعتبارها القوة الوحيدة الباقية للمسلمين الجزائريين. فقد فشلت جميع الثورات وعرائض أهل المدن وشردت النخبة القديمة، فاستسلم الأهالي إلى قوة المرابطين ورجال الطرق الصوفية، وكان الفرنسيون يحسبون أن تحت كل عمامة قنبلة وأن في حبات كل سبحة عدد الرصاص الذي تملكه الطريقة، وأن الإخوان جنود مجندة وراء الشيوخ ينتظرون الإشارة لإلقاء الفرنسيين في البحر، فأعد هؤلاء العدة وتنادوا يحذرون بعضهم البعض من الخطر الداهم الرابض من حولهم، والذي يمكنه أن يأتي بالنجدات من خارج الحدود أيضا، لذلك تكفل لويس تيرمان (الحاكم العام) بدراسة رين، وتكفل كامبون (الحاكم العام) بدراسة ديبون وكوبولاني، وكلتاهما اقترحت العلاج، بعد أن وصفت المرض أو خطة العمل، كما رأينا.
لقد تعامل الفرنسيون مع الظاهرة الدينية في الجزائر منذ الاحتلال، وتعاملوا مع الطرق الصوفية والمرابطين بالخصوص، فكان لهم ما شاهدوا من القادرية والدرقاوية والتجانية والشيخية والسنوسية خلال سبعين سنة قبل نهاية القرن الماضي، فرأوا القادرية التي بدأت محاربة قد انتهت مسالمة في الجنوب، وفي منعة بالأوراس، ورأوا الرحمانية التي شنت الثورات المتوالية قد انتهت إلى فروع متفرقة مجتهدة، لكل منها مذهبه، مثل مذهب عبد الصمد الذي أصبح إنسانيا سنة ١٨٧١ في جبل بو عريف، ومثل مذهب علي بن عثمان الذي التزم الصمت في نفس السنة، وكذلك فعل محمد بن