للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلقاسم، صاحب زاوية الهامل (١). وكانت السنوسية في فرع زاوية طكوك قد وقفت موقفا شبيها بذلك، رغم أن شيخها لم يسلم من الاضطهاد والسجن والإبعاد، والتجانية أعلنت الولاء منذ حوالي ١٨٤٠، ولكن الفرنسيين ظلوا يتوجسون منها خيفة، مع ذلك، لأن أتباعها مسلمون على كل حال، ويمكن للطرق الأخرى أن تجرهم إليها في حالة الخطر، ولم تطمئن فرنسا لأولاد سيدي الشيخ رغم ولائهم الظاهري: فقد كانوا من جهة خلفاء وحكاما باسمها ومن جهة أخرى ثوارا عليها، وتاريخهم معها سلسلة من المصادمات والتقارب والتباعد إلى نهاية القرن، ولكن الفرنسيين كانوا يملكون سلاحا ماضيا وهو (سلاح فرق تسد) الذي استعملوه في الطريقة الواحدة والعائلة الواحدة، ثم بين مختلف الطرق والعائلات، ولم يكن لشيوخ هذه الطرق من الوعي السياسي والإمكانات المادية.

ومنذ وصل كامبون إلى الحكومة العامة في الجزائر سلك سياسة التقارب مع الطرق الصوفية، لأسباب مختلفة، منها حاجة فرنسا إلى دعمها في الصحراء، وحاجتها إليها في الوقوف ضد سياسة الجامعة الإسلامية/ العثمانية، والسيطرة بها على عامة الجزائريين، وكسر شوكة العداء الذي تكنه الطرق الصوفية للتسلط الفرنسي/ المسيحي، وكان من نتيجة هذه السياسة الكامبونية الاتصال بشيوخ كانوا منسيين أو مهملين وإعطاؤهم الاعتبار والحرمة، وقد دعا كامبون رئيس الطريقة الطيبية لزيارة الجزائر وسهل مهمته في الاتصال لإخوانه، كما تفاهم كامبون مع زعماء أولاد سيدي الشيخ المتمردين مثل قدور بن حمزة الذي جاء لملاقاة كامبون في المنيعة، وأعاد إليه الاعتبار على أساس العمل لصالح السياسة الفرنسية في المنطقة، وكذلك رجع الشيخ المسن، وهو الأعلى بن بو بكر، إلى جيرفيل (٢). كما جرت


(١) أوصى نفس المصدر (ديبون وكوبولاني) ص ٢٨٩، بأنه يمكن لفرنسا أن تستخدم زاوية طكوك بالجزائر لربط علاقات مع الشيخ المهدي السنوسي.
(٢) توفي قدور بن حمزة ١٠/ ٢/ ١٨٩٧. أما الأعلى بن بوبكر فهو الذي كان وراء ثورة أولاد سيدي الشيخ منذ ١٨٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>