للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد هاجم الإصلاحيون هذا المؤتمر ما داموا هم قد تحفظوا من اتخاذ موقف مشابه، كما ذكرنا، وحكموا على المؤتمر بأنه انعقد بوحي من الإدارة الفرنسية، وقد انتقدوا حضور الفاضل بن عاشور (ابن الشيخ الطاهر، شيخ جامع الزيتونة عندئذ) وإعلانه الولاء لفرنسا وتأييده للطرقية، ويبدو أن ابن عاشور حاول أن يمسك العصا من الوسط وأن يوفق بين الإصلاح والطرقية، ولذلك كانت محاضرته بعنوان (الوحدة الإسلامية)، ولكنه فشل في هدفه، حسب تعليق البصائر (١).

والواقع أن الانتقاد كان مسلطا على الطرقية عموما باعتبارها أداة في يد الإدارة وليس ضد التصوف من حيث هو، وكانت الحركة الإصلاحية تنتقد أيضا العلماء الذين يفتون لهذه الإدارة بما تريد منهم لا ما يريده الدين أو ينص عليه، ويطول بنا الحديث إذا استعرضنا كل ذلك هنا، فهدفنا هو تقرير ما وصلت إليه الطرق الصوفية بعد مسيرة قرن من الاحتلال الفرنسي، وقد تناول هذا الموضوع معظم رجال الإصلاح الأوائل كابن باديس والإبراهيمي والعقبي والتبسي والميلي وأبي يعلى الزواوي، بل إن علماء من أمثال المجاوي وابن الموهوب وابن زكري قد تعرضوا له ولكن بشكل غير صريح صراحة رجال جمعية العلماء، ولعل العقبي والميلي والزاهري (قبل خروجه من الجمعية) كانوا من أوائلهم وأكثرهم تفرغا لهذا الموضوع. ثم تراجع الزاهري، وخفت حدة العقبي بعد ١٩٣٦، ولكن كتاب الميلي (رسالة الشرك ومظاهره) يظل الوثيقة الأساسية في انتقاد الطرق الصوفية ووصف حالة التصوف عندئذ بطريقة هي أقرب إلى الموضوعية من خطب ومقالات زملائه، وفي المقابل ظهرت أدبيات أخرى أيضا اشتهرت منها جريدة (البلاغ) الجزائري بين الحربين، (وصوت المسجد) بعد الحرب العالمية الثانية، وكتاب من أمثال محمد العاصمي.


= أبريل ١٩٣٩. وهي طبعا موجهة إلى الرأي الحام الفرنسي والخارجي. ثم ترجمتها البصائر كاملة (انعقد المؤتمر بين ١٤ - ١٧ أبريل، ١٩٣٩).
(١) البصائر، ٥ مايو، ١٩٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>