للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل أبلغ من ذلك قول (مجلة العالم الإسلامي) سنة ١٩١٠، والمقال ربما كان من تحرير مديرها عندئد (لوشاتلييه) الذي لم يوقع اسمه. يقول صاحب المقال: إن فرنسا قد اصطنعت في الجزائر (إسلاما) فريدا خاصا بهما، كما اصطنعت له رجالا من نوع خاص، وكل هذا الاصطناع جاء عن طريق اضطهاد المؤسسات الإسلامية، إن فرنسا قد دخلت إلى إفريقية الإسلامية عن طريق الجزائر. وخلال ثمانين سنة اصطنعنا إسلاما فذا في العالم، بدون أوقاف، وبمساجد إدارية، وأهل دين ورعين Dévôt Résansés، وقضاة موظفين، وحج برخصة، وها نحن نصوغ الآن (كودا) لقيطا من إنتاج الفقه الإسلامي والقانون الفرنسي (١). إننا خلال ٤٠ إلى ٥٠ سنة من الحملات والجيوش يمكننا أن ننسب نصفها على الأقل إلى اضطهاد المؤسسات الإسلامية، إنه لا يمكن الآن الرجوع إلى الوراء لكي نؤسلم الجزائر من جديد، إن الإساءة قد وقعت (٢).

والواقع أنه منذ ١٨٣٣ أخبرنا حمدان خوجة بأنه لم تبق للعلماء جرأة أمام الحكام الفرنسيين المتغطرسين، فالعلماء لا يقولون ما يغير مزاج هؤلاء الحكام، لأن نفي القاضي وقع بدون وجه حق، وأن كلوزيل Clauzel نفى المفتي - شيخ الإسلام - بعد أن ادعى عليه دعوات ونصب له حيلا، وقال خوجة معلقا على هذا الوضع: إن علماءنا يفنون شبابهم في العلم في الجوامع، وكانوا لا يختلطون بالناس، ولا علم لهم بالشؤون السياسية، ولا مخالطة لهم مع الملوك والسلاطين، فإن قالوا أو سكتوا عن خوف حكم عليهم بالنفي أو الحبس (٣). وفي هذا الجو إذن نشأت الهيئة الدينية (الإسلامية) التابعة للإدارة الفرنسية.


(١) يشير بذلك (Code) إلى مسألة تدوين الفقه الإسلامي، وكانت شهيرة عند كتابة المقال (١٩١٠).
(٢) مجلة العالم الإسلامي R.M.M، (سبتمبر - ١٩١٠) ص ٧٩ - ٨٠.
(٣) خوجة، عن قنان (نصوص). ص ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>