للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلامية في المساجد الرئيسية، وكان ذلك تطوعا منهم، كما كانوا يأتون أيضا لحضور الصلوات الدينية الكاثوليكية والمناسبات الرسمية، ويحضرون إنشاد (التوديم) Tedem، والقداسات الكنسية عند الدفن، أو عند زواج الفرنسيين الذين يعرفونهم (١). ولا شك أن الفرنسيين كانوا يعتبرون ذلك تحررا وليبرالية من هؤلاء الأئمة والمفتين.

ويسري هذا التوظيف أيضا على القضاة والمدرسين، وقد ذكرنا أن اهتمام الفرنسيين الأول كان لإدارة القضاء، أي بتعيين شخصيات دينية في مناصب الحكم بالشريعة تحت الإدارة الفرنسية، وكان هؤلاء أيضا موظفين مأجورين بعد أن كانوا يعيشون من مال الأوقاف ومستقلين، وسنتحدث عنهم بتوسع في فقرة أخرى، أما المدرسون فقد أهملت وظيفتهم لعدم الحاجة المستعجلة إليهم بالنسبة للفرنسيين ولأنهم عبء على ميزانية الإدارة بعد اغتصاب الأوقاف، ويهمنا من الصنفين: القضاة والمدرسون، أنهم أصبحوا بحكم الوظيف الرسمي منبوذين عند الأهالي وغير موثوق فيهم، فهم أيضا كانوا من الهيئة الدينية الجديدة (٢).

من الناحية الرسمية والشكلية أيضا، اتخذت منذ أول جمعة بعد الاحتلال صيغة دعاء حذف منها اسم السلطان العثماني الذي كان دعاء صلاة الجمعة باسمه، ففي الخميس الأول بعد الاحتلال اجتمع مجلس من العلماء ورجال الدين في المدينة، بطريقة تلقائية، حسب رأي رين، وذلك لدراسة موضوع صلاة الجمعة والدعاء فيها، وبعد مداولات طويلة، انتهوا إلى الصيغة التالية في الدعاء دون الإشارة إلى اسم السلطان: (اللهم أيد من أيد الملة الحنيفية، وأحيي قلب من أحيى السنة النبوية، ونجنا من الفتن الدنياوية والأخراوية، إنك على كل شيء قدير)، وقد قدمت هذه الصيغة إلى قائد الحملة الفرنسية، بورمون Bourmont، فوافق عليها، وقد استمرت هذه


(١) رين، مرجع سابق، ص ٩.
(٢) ديبون وكوبولاني (الطرق الدينية ...) مرجع سابق، المقدمة، ص ٩، وكذلك هنري قارو (الحركة الإسلامية) في S.G.A.A.N، ١٩٠٦، ص ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>