ومناسباتها منذ تأسيسه أول دولة جزائرية في العصر الحديث قائمة على مبادئ الشريعة الإسلامية، وقد شهد الفرنسيون الذين حضروا احتفالاته بالمناسبات الدينية بأنها كانت مثالا في الاهتمام والبساطة أيضا، وقد رتب الأمير الوظائف الدينية وكانت بلا أجر، وكان هو الذي يعين الإمام والقاضي، غير أنه جعل للقضاة راتبا، كما سنرى، ليكفيهم الطمع في حاجات الناس، فالمؤذن والإمام كانا بدون أجر، وفي أغلب الأحيان ليس هناك جامع مبني وإنما هناك خيمة كبيرة تقام فيها صلاة الجمعة وهي خيمة الإمام، وكانت خطب الجمعة تحث على الجهاد وتذكر المصلين بالآيات التي تنص على مجالدة الغزاة، وكان منصب الإمامة شرفيا فقط، ولا يعهد به إلا لمن عرف بالصلاح والتدين والعلم والنزاهة، أما عند سماع الأذان اليومي (الصلوات الخمس) فإن الناس يصلون حيث كانوا جماعة أو فرادى (١).
ونلاحظ أن هذه الطريقة جديدة في القيام بالوظائف الشرعية، فهي قبل كل شيء عمل تطوعي وفرض كفاية، وهي وظائف لا تغطيها أموال الأوقاف، كما كان الحال في العهد العثماني ولا أموال الدولة كما أصبح الحال في العهد الاستعماري، ذلك أن الهيئة الدينية (الكليرجي) التي أنشأتها فرنسا أصبحت معتمدة كل الاعتماد على الحكومة الفرنسية في الحركة والسكون وفي المعيشة، ومن ثمة فقدت استقلاليتها وحريتها.
وللإمام في زواوة عشية احتلالها، وظائف عديدة، وهو يتقاضى عليها مالا من أهل القرية، وهو عندهم يسمى المرابط أيضا، فهو الذي يؤمهم في الصلاة، ويحضر المناسبات الدينية والاجتماعية كعقود الزواج والولادات والجنائز، وهو الذي يقوم بتعليم الصبيان القرآن ومبادئ الدين والقراءة والكتابة في مدرسة خاصة، ومن مهمات الإمام أيضا الكتابة لأمين الجماعة، فكل محررات أو محاضر الإدارة تصدر عن الإمام، وإذا خلت قرية من مرابط
(١) قوستاف دي منوار، مذكرة نشرها مارسيل ايمريت في (المجلة الإفريقية). ١٩٠٠، ص ١٥١، عدد ٤٤٢.