للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه هي الخطوات الأولى في توظيف رجال الدين في الجزائر من قبل الفرنسيين، وقد استمر هذا الدور لهم مدة العهد الاستعماري، وكان منهم من استقال من وظيفه واختار العافية، ومنهم من هاجر تاركا وطنه وذكرياته، ومنهم من انتبه ضميره ولكن بعد حين، وأغلبيتهم رضيت بالحياة الذليلة وعاشت على الأجر القليل، سيما بعد أن تقدم العهد وانقطعت الصلات بالماضي ورجاله، فالهيئة الدينية كانت خليطا من الغث والسمين، وكان لبعضهم ظروفهم التي أملت عليهم هذا الوضع المحرج.

فمن هم عناصر هذه الهيئة؟ إنها تتألف من المفتي، والقاضي، والإمام، والمدرس، والخطيب (إمام الجمعة والعيدين). والباش حزاب، والطلبة، والباش مؤذن (أو المؤقت). والمؤذن، وقراء تنبيه الأنام، والحضور، والشعالين، والكناسين، والوكلاء، والمؤدبين.

ولا شك أن حجم هذه العناصر قد ازداد في آخر القرن الماضي وأوائل العشرين، ولا سيما بعد التوسع في تعليم المساجد (١٨٩٨ - ١٩٠٠). وبعد إعادة النظر في سياسة فرنسا في العالم الإسلامي، وفي خطبة له عن الوضع العام في الجزائر سنة ١٨٩٦ قال جول كامبون إن عدد موظفي الديانة والقضاء في تلك السنة قد بلغ الألفين، وكان حريصا على ذلك منعا لتوظيف (أجانب) عن المدرسة الفرنسية كخريجي الزوايا والمعاهد الإسلامية في المغرب وتونس (١).

وفي عهد كامبون أيضا كانت الوظائف التقليدية ما تزال مطبقة في أغلبها، رغم أن بعضها قد يكون تقلص، وقد فصل لنا ديبون وكوبولاني سنة ١٨٩٧ هذه الوظائف، وعندما نتامل في تعاريفهما لا نجد إلا قليلا من التغيير قد حدث لها ولأهلها، ويجب أن نلاحظ أن هذه المعلومات قد كتبت قبل إعادة تنشيط التعليم في المساجد بالطريقة الفرنسية، كما ننبه إلى أن وظيفتين


(١) مجلة (إفريقية الفرنسية). عدد مايو، ١٨٩٦، ص ١٥٩، وعدد إبريل من نفس السنة، ص ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>