للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العاشر، عصر سليمان القانوني وعصر دخول العالم العربي، ومنه الجزائر، في حكم الدولة العثمانية. وكان رئيسهم يدعى شلبي ويقيم في إسطانبول. وكانت لهم مراكز ونظم سرية وعلنية في مختلف أنحاء الدولة وخصوصا في أناضوليا وروميليا. وكانت الدولة تخشاهم أحيانا (بعد أن كانوا ساهموا في تأسيسها)، لذلك كانت تساند أيضا طريقة أخرى، وهي طريقة جلال الدين الرومي (القرن السابع أيضا) المعروفة بالمولوية، لتحفظ بها التوازن. وكان رئيسهم يدعى أيضا شلبي، ويقيم في قونية، عند قبر جلال الدين الرومي. وكان الاعتراف بهذه الطريقة أو تلك من جانب الدولة يعني حضور رئيس الطريقة الحفلات الرسمية وتقليده رموزا وشعارات من التأييد والاعتراف (١).

ويهمنا من هذه العلاقة بين التصوف والدولة العثمانية علاقة الدراويش بالإنكشارية. ذلك أن الأساطير تذهب إلى أن الحاج بكداش هو الذي احتضن النظام الإنكشاري وهو الذي أعطى الجنود اسمهم وألبسهم لباسهم المميز. ولم يحن القرن العاشر (١٦ م) حتى أصبح البكداشية هم الذين يسيطرون فعلا على الإنكشارية وهم الذين كانوا يستقبلونهم ويؤاخون بينهم دينيا وعسكريا. وهذه العلاقة الوطيدة بين الصوفية والعسكرية هي التي ستظهر أيضا في الجزائر كما سنرى (٢). وقبل أن نصل إلى ذلك نود أن نلاحظ أن هذه العلاقة هي التي جعلت السلطة الحاكمة في إسطانبول تخشى، كما أشرنا، البكداشية فقدمت غيرهم إلى جانبهم، كما أثارت تخوفات العلماء والفقهاء من الدراويش وأهل التصوف المتطرف. وكان ظهور المولوية وإعطاؤها الطابع الرسمي هو الذي جعل كثيرا من أهل الطبقة الوسطى ينضمون إليها. كما أن كثيرا من المثقفين العثمانيين قد انضموا إلى الطريقة المولوية. وكان قرب أصحاب هذه الطريقة من أهل السنة سببا في انتشارها


(١) انظر بهذا الصدد كتاب هاميلتون جيب وباون (المجتمع الإسلامي والغرب) القسم الثاني، فصول العلماء والدراويش والتربية.
(٢) عن علاقة العثمانيين بالمرابطين الجزائريين وحياة المرابطين في الجزائر انظر الفصل السادس.

<<  <  ج: ص:  >  >>