١٨٥٨ جرت مظاهرة في الحجاز ووقع أثناءها تعيير الجزائريين على خضوعهم لفرنسا، ولعل ذلك كان من بين الأسباب التي أدت إلى أن يعلن نابليون الثالث أنه يحمي كل رعايا دولته حيثما كانوا.
ويزعم فايسات أن آل الفكون (قسنطينة). قد حافظوا على وظيفة أمير الركب التي كانت لهم في الماضي، إلى (سنة ١٨٦٧)(١). والواقع أن هذه العائلة قد فقدت مجدها حتى قبل ولاية حمودة الفكون مشيخة المدينة على أثر الاحتلال سنة ١٨٣٧، أما والده، شيخ الإسلام محمد الفكون فقد كان شيخا هرما، عندئذ وقد جيء به محولا على كرسي لمقابلة المارشال فاليه الذي دخل قسنطينة دخول المنتصرين، ثم أوقف الفرنسيون العمل بوظيفة (شيخ الإسلام). فكيف تبقى عائلة الفكون على وظيفة (أمير الركب) أي رئيس الحجاج؟ وكان أمير الركب هو الذي يحمل (صرة) ما وفرته أوقاف مكة والمدينة كل عام إلى فقراء الحرمين، ولكن الفرنسيين صادروا هذه الأوقاف وغير ها.
وإلى جانب التعللات السياسية والاقتصادية، كان الفرنسيون يتعللون أيضا بانتشار الأمراض في الحجاز ويجعلون ذلك سببا في منع الحج، وكان ذلك يتكرر بكثرة، حتى لقد أصبح أمرا مفضوحا وغير مقنع، فقد كان يخفي وراءه الخوف من المرض السياسي، وقد تغيرت الإجراءات قليلا منذ الخمسينات ومرسوم ١٨٥٨.
منذ البداية كان الفرنسيون مهتمين بالحجاز لا من أجل قضايا الحج فقط ولكن من أجل التجارة والنفوذ السياسي ومزاحمة الإنكليز أيضا، وكان لفرنسا جواسيسها من الحجاج الجزائريين ومن أبنائها، وقد أصبح معروفا ذلك الدور الذي قام به ليون روش سنة ١٨٤٢ في الحجاز، ولم يكن الأمر متعلقا بالفتوى الشهيرة فقط، ولكنه متعلق أيضا بدراسة أوضاع الحجاز التجارية والسياسية والدينية وتقديم صورة عنها إلى السلطات الفرنسية بعد