للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجوعه، وكان قد اصطحب معه بعض رجال الدين الجزائريين الذين كانوا في واقع الأمر جواسيس أيضا لأن ذهابهم معه لم يكن لغرض ديني، (وإنما لكل امرئ ما نوى). وكانت طرق القوافل والحج موضوع دراسات فرنسية مبكرة، وكان أصحاب الدراسات يحثون حكومتهم على الاستفادة من نفوذ أعيان المغرب العربي وتجارتهم (١).

ولكن أبواب الحج كانت غالبا مغلقة لأسباب سياسية، ففي سنة ١٨٤٨ (سنة قيام الجمهورية الثانية، على إثر هزيمة الأمير الذي حمل إلى سجون فرنسا) كان على الحجاج أن يحصلوا على رخصة مسبقة لتسهيل مراقبتهم، ومن شروط الرخصة أن يثبت الحاج أن لديه مالا يكفيه للذهاب والإياب، وغالبا ما كانت الرخصة مرفوضة لأن الحج في نظر الفرنسيين يزيد الحجاج (تعصبا)، وقد أعلن الأميرال ديقيدون (١٨٧١ - ١٨٧٣) صراحة بأنه لن يرخص في الحج لأن الحجاج يرجعون أكثر كراهية للفرنسيين (٢). وتغيرت هذه السياسة بعض الشيء في عهد الجنرال شانزي فرخص بالحج سنة ١٨٧٣، وسافر الناس في أعداد راها المعاصرون كثيرة، وهي ١٥٠٠ حاج، ثم توقفت الرخصة سنة ١٨٧٤، ١٨٧٧، للأسباب المعتادة وهي وقوع الوباء في طرابلس والحجاز، والحروب في الدولة العثمانية، ويذهب آجرون إلى أن الحج قد رخص به سنوات ١٨٧٥، ١٨٧٦، ١٨٧٨ لكنه لا يذكر العدد ولا وسائل النقل ولا شروط الرخصة (٣). والمعروف أن حركة هجرة، جماعية أحيانا، وقعت خلال السبعينات، وكانت السلطات الفرنسية تمنع ذلك خشية من تشويه سمعتها في العالم الإسلامي (٤).

وفي هذا النطاق رخص الحاكم العام قريفي (١٨٧٩ - ١٨٨١) بالحج


(١) انظر فورتان ديفري Fortin D'Ivry في (الجزائر) في مجلة الشرق R.de l'Orient، باريس، ١٨٤٥، المجلد ٨.
(٢) آجرون (الجزائريون) ١/ ٢٩٨، ٣٠١.
(٣) نفس المصدر، ص ٣٠٧.
(٤) انظر فصل المشارق والمغارب.

<<  <  ج: ص:  >  >>