للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة ١٨٧٩، ففيها سافر ٩٤٦ حاجا فقط وعلى حسابهم الخاص، وكانوا موزعين، حسب أحد التقارير، على الولايات الثلاث كما يلي: الجزائر ٥١٩، وهران ٢٧٩، قسنطينة ١٤٨، وقد ذكر التقرير أن العدد كان أكبر من ذلك في الأوقات العادية، ولكن وجود المرض المعدي (الوباء؟) في هذه السنة بالجزيرة العربية لم يسمح إلا بالعدد المذكور، وهذا تبرير واه لأن العدد لا دخل له في الإصابات، وليس هناك شروط تشترطها البلاد المستقبلة (١). ثم لجأ قريفي إلى منع الحج بطرق ملتوية وذلك بإصداره منشورا (١٨٨١) يقيد فيه الحج ويمنع على الحجاج الدخول في طرق صوفية معادية لفرنسا (مثل السنوسية والمدنية) أو يربطون علاقات مع المهيجين والدعاة اللاجئين في الدول الإسلامية، ولعل المقصود بهم بعض المهاجرين الجزائريين الذين أصبحوا جالية متنفذة في الشام والحجاز واسطانبول، وقد فهم آجرون أن ذلك الموقف من قريفي يعني منع الحج السري الذي يبدو أنه كان بكثرة ما دامت السلطات قد منعت الحج العلني، وقد يكون ذلك راجعا إلى قلة العدد الذي سمح له بالحج وإلى حسن (اختياره) من الإدارة، فاضطر الناس إلى الحج السري الذي اختلط أيضا بالهجرة، وكان الوباء هو الراية التي يرفعها الفرنسيون لإقناع عامة الناس برفض الرخصة (٢). والمعروف أيضا أن سنة ١٨٨١ قد شهدت ثورة بوعمامة، ومؤامرة القضاة (انظر لاحقا). وفي هذه السنة أيضا كان القنصل الفرنسي روستان في الشام يحذر من (الجمعيات السرية) في البلاد الإسلامية، فمنع الحج إذن كان مرتبطا بكل هذه التطورات.

ورغم طول عهد لويس تيرمان (١٨٨٢ - ١٨٩١) فإن الحج لم يقع فيه إلا قليلا، والحجة المعتادة والواهية هي وجود الوباء وتوتر الجو الدولي، ثم أضيف إلى ذلك عدم استعداد السفن الإنكليزية لحمل الحجاج، والحقيقة هي أن تيرمان كان له وجهان، ففي الظاهر كان يلجأ إلى ما ذكرنا، وفي الباطن


(١) حكومة ألبير قريفي، ص ٤٩ (هكذا وجدت مقيدا بأوراقي وقد ضاع مني الباقي).
(٢) آجرون (الجزائريون) ١/ ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>