للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يوصي المسؤولين بعدم الترخيص للحج للأخطار التي ترجع منه على المصالح الفرنسية، وكان يعرف أن المنع الرسمي للحج غير مأمون العاقبة ولذلك كان يلجأ إلى التحايل، وكان يرى في الحج وسيلة سياسية معادية، ولذلك جعل الترخيص به مقصورا على الحاكم العام نفسه، وفي سنة ١٨٨٤ احتج تيرمان بثورة المهدي ضد الإنكليز في السودان، وقيل: إن عددا من الحجاج تمكن من أداء الفريضة سنة ١٨٨٠، ١٨٨٨، ثم منع الحج تماما إلى سنة ١٨٩١ حين سافر ١٥٠٠ حاج، بعد أن اشترط عليهم توفير المال للتذكرة ذهابا وإيابا (١).

وفتح جول كامبون الباب نحو الشرق الإسلامي باستصداره أيضا فتوى مشابهة لفتوى سلفه بوجو، وبإرساله بعثة متنكرة للتجسس أيضا على أحوال العالم الإسلامي في الحجاز (٢). وفي هذه المرة كان (البطل) هو (جيرفي كورتيلمون) الذي كتب رحلة إلى مكة روى فيها مغامراته من الجزائر إلى مكة، وقد ذهب هناك في غير وقت الحج لأننا لا نجد في رحلته حديثا عن الوقوف بعرفة، وجيرفي هذا كتب دراسات عن الجزائر وتونس والمغرب الأقصى ومصر، وتخصص في الحياة الإسلامية، وكان يعيش في العاصمة ومشتغلا أيضا بقضايا الفن Editeur d'Art، وكان يعتقد أن مكة، باعتبارها عاصمة دينية وثقافية جديرة بالدراسة، لذلك قرر زيارتها سنة ١٨٩٥، وقد اصطحب معه صديقا له جزائريا وهو الحاج أكلي الذي قال: إنه لا يشك في إخلاصه له ولفرنسا، وقال عن أكلي إنه قد سبق له الذهاب إلى مكة تسع عشرة (١٩) مرة، وما دام الأمر كذلك، فإن الحاج أكلي نفسه ربما كان يقوم بمهمات خاصة لفرنسا في الحجاز لأن الحج لم يكن مرخصا به للجميع، فما


(١) آجرون (الجزائريون) ١/ ٣١٥. قيل إن بعض الصحفيين كتبوا بأن الحجاج رجعوا بالعكس أقل تعصبا من ذي قبل عندما قارنوا حالتهم بحالة المسلمين في مصر والحجاز وحياة البدو في المناطق التي مروا بها.
(٢) يقول قوانار (الجزائر) ص ٢٩٦، أن كامبون قد سمح بأربع حجات، وفي إحداها مات ٢٠٠٠ من ٧٠٠٠ حاج بالكوليرا (سنة ١٨٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>