الخريطة المعروفة باتفاق سايكس - بيكو، وبالإضافة إلى ذلك كان الحلفاء يعدون اليهود بالوطن القومي في فلسطين، وهكذا فإن الفرنسيين بعد أن منعوا الحج على الجزائريين، كانوا متورطين في سلسلة من المؤامرات ضد الإسلام والمسلمين والعرب.
وكما انخدع الشريف حسين وغيره في المشرق انخدع زعماء الرأي العام أيضا في الجزائر، فبعد ثورة الشريف حسين في الحجاز رخصت فرنسا بالحج لعدد من الشخصيات الرسمية المختارة، بلغوا ٢٩٠، معظمهم من رجال) لدين، وكان على رأسهم قدور بن غبريط، ورافق الوفد الحاج بعثة دبلوماسية بقيادة الضابط محمد ولد قاضي، وكان ابن غبريط قد ولد في نواحي سيدي بلعباس وتعلم، ربما في مدرسة تلمسان الشرعية - الفرنسية، وأصبح مترجما في القنصلية الفرنسية في طنجة سنة ١٨٩٣، وقام بمهمات لدى الحكومة المغربية تحضيرا للاحتلال الفرنسي، وأرسله الفرنسيون في مهمات دبلوماسية أيضا إلى روسيا، وكان عضوأ في اللجنة التي خططت الحدود بين الجزائر والمغرب سنة ١٩٠٣، وها هو الآن (١٩١٦) على رأس وفد الحج الرسمي (١). ومع ذلك فإن الحج قد اعترضته عراقيل أخرى بعد ثورة الشريف حسين.
وفي سنة ١٩١٧ حدث تطوران هامان: الأول: هو إنشاء الفرنسيين لجمعية الأوقاف (الأحباس) والأماكن المقدسة الإسلامية، وكان الهدف منها جلب المسلمين وإرضاءهم خلال الحرب، وكان رئيسها هو قدوربن غبريط، وكانت الجمعية وسيلة فرنسية أيضا للتدخل في الحجاز وفلسطين بعد أن شعرت فرنسا أن الإنكليز قد خططوا لحصر الفرنسيين في لبنان وسورية فقط، فكانت الأوقاف والحج وسيلة سياسية لنشر التأثير الفرنسي في
(١) ربما يكون والده هو ابن عودة بن غبريط، إمام الجامع الكبير بتلمسان في آخر السبعينات من القرن الماضي، وقد تحدث عنه المشرفي في (ذخيرة الاواخر) بعد أن زار الجزائر سنة ١٨٧٨، والبعثة الفرنسية إلى الشريف حسين كانت برئاسة الضابط الفرنسي، بريمون Bremond انظر فصل المشارق والمغارب.