طابعا شعبيا، ومنذ الاحتلال فقد الصوم طابعه الرسمي، فالسلطة الفرنسية لا تعترف بالأعياد الدينية الإسلامية، فعيد الفطر وعيد النحر والمولد النبوي وعاشوراء ونحوها كلها أصبحت مناسبات يتولاها المسلمون، ولا دخل فيها للسلك الديني الرسمي إلا باعتبارهم من المسلمين، فليس هناك عطلات رسمية ولا احتفالات، ولكن الفرنسيين لم يمنعوا الاحتفالات بذلك، سيما في رمضان والمولد، وفي رمضان بالذات يمكن أن نذكر مناسبتين قد تدخلان في الممارسات الرسمية، الأولى إطلاق المدفع عند الإفطار، سيما في مدينة الجزائر من بطارية في المرسي، وكان المسلمون هم الذين يدفعون ثمن الطلقات في شكل ضريبة خاصة، ويستمر ذلك خلال الشهر، والثانية هي إنشاء لجنة في الحقبة الأخيرة أطلق عليها (لجنة الهلال) وكانت تحت إدارة الشؤون الأهلية، والمقصود الظاهري منها توحيد الإعلان عن الصيام والإفطار بالرجوع إلى الجهات الرسمية وعدم اتباع الدول الإسلامية الأخرى في ذلك أو الاعتماد على رؤية الهلال جماعيا وفرديا، وكانت هذه اللجنة قد أثارت بلبلة في أوساط المسلمين، وكان بعضهم يخالفها، ولو كانت صادقة، لأنها كانت تحت إشراف السلطة المحتلة، ولأن الهيئة الدينية التي تشير بذلك كانت مغلوبة على أمرها.
وعلى المستوى الشعبي دائما كان عيد الفطر يستمر ثلاثة أيام، وكان إعلانه عن طريق المدفع أيضا، سواء اتبعه المسلمون أو اتبعوا غيره، وأثناء رمضان تضاء المآذن وتكثر الصلوات، وتنشط المقاهي، وتظل هذه مفتوحة إلى حوالي الثانية صباحا في المدن، وقد احتفظ الجزائريون بعادة المسحراتي، وهناك أعلام خاصة ترفع على الماذن، ويحيي الناس ليالي رمضان بطول السهر أكثر من الأوقات العادية، والتفنن في الألعاب والموسيقى والمأكولات، وفي يوم العيد يتفنن الناس في الملابس والحلويات، وتقام الصلوات الجماعية وتوزع الصدقات وتزار المقابر والأقارب، وقد استحدثت بدع كثيرة لابتعاد الناس عن تعاليم الدين، وكانت السلطة الفرنسية تشجع عليها لأنها تساعد على تغييب العقل والتعلق