البلدي أيضا سنة ١٨٨٢ (بالعاصمة) وكان مدعوما في ذلك من قبل بعض العمال الجزائريين، كما قيل، وكان الهاشمي، وكذلك علي بن إسماعيل، يمثلان اتجاها مرتبطا باليسار الفرنسي - الأوربي، وهو اتجاه مؤيد للتجنس بين الجزائريين، داعيا إلى ضرورة تدوين الفقه الإسلامي (الشريعة). لأنه إذا تحقق التدوين، فإن المتجنس قد لا يضطر إلى انتخلي عن أحواله الشخصية (١).
إن عدد المتجنسين كان قليلا جدا، ففي سنة ١٨٨٥ كان عددهم ٥٥ فقط، وخلال عشرين سنة ١٨٦٥ - ١٨٨٥ كان العدد ٦٦٧ متجنسا، ولكن إذا عرفنا أن معظم المتجنسين كانوا من المتعلمين بالفرنسية (النخبة) عرفنا أن العدد، مع ذلك، كان عاليا، ولم يكن هدف الفرنسيين تجنيس الجزائريين جماعيا كما فعلوا مع اليهود سنة ١٨٧٠، ولكنهم كانوا يهدفون إلى امتصاص النخبة منهم تدريجيا، ولذلك كان موقف المعارضين للتجنس من القضاة يحمل ثقلا خاصا، ذلك أنهم كانوا من فئة المتعلمين من جهة ومن الذين يمثلون الثقافة العربية - الإسلامية من جهة أخرى، كذلك نلاحظ أن الكثيرين منهم كانت لهم ارتباطات عائلية ومصاهرات، وارتباطات أخرى مع المهاجرين في المشرق، مثل الشيخ المجاوي والطيب بن المختار وعائلة أبي طالب، الخ، كما كان معظم القضاة يتكلمون الفرنسية ومتجذرين في المجتمع، وليس من السهل تجاوزهم أو احتواؤهم مثل ما فعلت الإدارة مع بعض رجال الدين والمرابطين.
ويرجع البعض قلة المتجنسين إلى عوامل أخرى أيضا، من ذلك رفض السلطات الفرنسية نفسها لطلبات التجنس، لأنها كانت تصر على تحقيق الشروط المنصوص عليها في المرسوم، ولا تتساهل في تكثير الجزائريين لمجرد التكثير، وهناك عامل آخر وهو أن في المرسومين: ١٤ يوليو، ١٨٦٥
(١) كريستلو (المحاكم ..) مرجع سابق، ص ٢٤٣، وتاريخ جريدة (الأخبار) المشار إليها هو ٣١ يوليو ١٨٨٧.