للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - محمد بن الحاج حمو: ولد بمليانة حوالي ١٧٧٨، ونشأ بها. وبها حفظ القرآن الكريم، وقرأ على مشائخها العلوم المتوفرة عندئذ من أمثال سيدي الطيب بن الحسين الذي قرأ عليه مختصر الشيخ خليل، كما درس على آخرين العلوم العربية، وكان يتردد على العاصمة ولما يبلغ العشرين سنة، فأخذ بها صحيح البخاري على المفتي علي بن الأمين، ولازم علي الانجلاتي الذي كان هو المفتي المالكي وقت الاحتلال، كما قرأ على حمودة المقايسي ومفتاح الدين العجمي ومصطفى الحرار، وقد درس في الجزائر الحديث وأصول الدين والفقه والنحو والمعاني والبيان والمنطق والعروض والفلك، وكان نموذجا للطالب الناجح في ذلك الحين، ثم رجع إلى مليانة وتولى بها أمور الفتوى والتعليم إلى أن حدثت كارثة الاحتلال الفرنسي.

كان عمره سنة ١٨٣٠ حوالي ٥٢ سنة، وقد اضطربت أحوال الجزائر عندئذ، فكر بعض أهلها في سلطان اسطانبول الذي عجز عن حمايتهم، وفكر آخرون في سلطان المغرب، وكانت الناحية الغربية قد عينت وفدا من أعيان العلماء للتوجه في ذلك الأمر إلى سلطان المغرب، فكان من بينهم الشيخ محمد بن الحاج حمو، وقد أطال البقاء في المغرب الأقصى وقابل السلطان، وكان هذا يحب اختبار العلماء ويتبع طريقة آبائه في ذلك، وبعد أن سرحهم السلطان وأمدهم بجيش وحامية وخليفة عنه، رجع الشيخ حمو إلى بلاده، ولكنه ظل يتراسل مع بعض المسؤولين المغاربة مثل الوزير محمد بن إدريس.

وبعد إعلان دولة الأمير عينه هذا أمينا على خزائن بيت المال، ومكلفا بالتموين العسكري، وهي مهمة خطيرة تقوم مقام وزير المالية والتسليح اليوم، وكانت مليانة ضمن دولة الأمير، وعليها محيي الدين بن المبارك خليفة عنه قبل أن يتولاها محمد بن علال، وأثناء هذه الوزارة الخطيرة كان الحاج حمو قد أقام تجارة واسعة مع أحد القناصل وهو (قراييني) (١) لشراء


(١) أو قرافيني، وكان يشغل قنصل أمريكا أيضا في الجزائر في نفس الوقت، وقد عينه =

<<  <  ج: ص:  >  >>