للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن سعد كان قد درس أيضا في فاس لأن من عادة علماء تلمسان استكمال دراستهم في القرويين كما يفعل علماء قسنطينة مع جامع الزيتونة بتونس، ويدل على صلة محمد بن سعد بالمغرب الأقصى توليه القضاء في تلمسان أثناء عهد ما يسميه الفرنسيون (الحكم المغربي) وهو عهد الأمير عبد القادر الأول، وكان محمد بن سعد هو عم (أو خال) القاضي شعيب المذكور، وكان عالما بالعربية والبلاغة والمنطق.

وكانت علاقة القاضي محمد بن سعد بالمقاومة الوطنية وبالتدخل المغربي في تلمسان قد جعلته لا يبقى في هذه المدينة إذا تغلب عليها الفرنسيون، وهكذا كان يخرج منها ويعود إليها تبعا للظروف السياسية، ويقول السيد (كور) إن عبد الرحمن بن هشام سلطان المغرب، هو الذي سمى محمد بن سعد قاضيا في تلمسان سنة ١٨٣١، ولعله كان قاضيا فيها قبل ذلك، والمعروف أن حركة المقاومة عندئذ كانت بزعامة الشيخ محيي الدين والد الأمير مرابط القيطنة، وبعد ظهور الأمير بقي القاضي محمد بن سعد في وظيفته أثناء خلافة محمد البوحميدي على تلمسان، ولكن كلوزيل قام بحملة ضد هذه المدينة آخر سنة ١٨٣٥ فهرب منها القاضي المذكور ولجأ إلى المغرب الأقصى، ولكن تلمسان رجعت إلى حضن دولة الأمير بعد معاهدة التافنة، فرجع إليها القاضي محمد بن سعد من جديد، ويبدو أنه استمر في وظيفه الأول، فقد أرسل رسالة إلى السلطان عبد الرحمن بن هشام فعرف محتواها من رد السلطان عليها، ومما جاء في هذا الرد أن السلطان اتصل برسالته التي يخبره فيها عن هناء الوطن وأمنه وتطهيره من (الرجس والنجس) - يقصد الفرنسيين - وقد تاقت نفسك للرجوع إليه، والقدوم بالأولاد والحشم عليه، لما جبلت عليه نفس الإنسان من حب الأوطان، وفي الحديث حب الأوطان من الإيمان).

وقد بقي القاضي محمد بن سعد في تلمسان طيلة حكم الأمير فيها، أي من ١٨٣٧ إلى ١٨٤٢. ولكن المارشال بوجو غزاها في هذه السنة كما غزا معسكر، فخرج أهل تلمسان من جديد، وفيهم القاضي محمد بن سعد

<<  <  ج: ص:  >  >>