ومحمد بن عبد الله المجاوي (والد الشيخ عبد القادر) وأبو طالب المازوني، وغيرهم من أعيان تلمسان، وقد توجهوا إلى المغرب الأقصى من جديد، ويقول كور: إن الفرنسيين هم الذين (طردوا) محمد بن سعد من تلمسان سنة ١٨٤٢، وأن هذا القاضي قد مات بعد ذلك بقليل بمدينة فاس في بؤس وفقر مدقع (١) Une Grande Misère، ولا شك أن كور يريد أن يبالغ في مصير الذين لم يرضوا بالاحتلال الفرنسي، ونحن نتفق معه أن كثيرا من القضاة والعلماء قد أصبحوا في بؤس شديد بعد الاحتلال لكونهم كانوا مع قضية الجهاد والوطنية، ولكن البؤس أصاب أيضا القضاة والعلماء الذين بقوا في (ظل) الاحتلال الفرنسي، وقد وجد الجزائريون عندئذ من أهل المغرب الأقصى كل ترحيب ورعاية.
١٥ - إبراهيم العوامر: من قضاة الوادي ومن المؤلفين في التاريخ والتصوف، ومن المدرسين أيضا، ولد بوادي سوف سنة ١٨٨١، وهي السنة التي احتلت فيها تونس، ونشأ في عهد الحاكم العام البغيض، لويس تيرمان، وهذا الحاكم كان أول حاكم في مستواه يزور سوف، ثم نشأ في عهد جول كامبون الذي اهتم باستعمار الصحراء، وكان الضابط (كوفيه) عندئذ هو رئيس المكتب العربي بالوادي، وعاصر العوامر أيضا التنافس الشديد بين الطريقتين التجانية بزعامة الشيخ محمد العروسي الذي كان مقره في قمار، والقادرية بزعامة الشيخ الهاشمي بن إبراهيم الذي كان مقره في عميش، ونتيجة لذلك التنافس برزت قضية ايزابيل ايبرهارد في سوف، وفي شبابه كانت الدروس المسجدية قد سمح بها الفرنسيون، وكان الوادي مركزا لنشاط خاص تمثل في
(١) اغوست كور (الاحتلال المغربي لتلمسان) في المجلة الإفريقية، R.A، ١٩٠٨، ص ٢٩ - ٧٣. ونص رسالة السلطان إلى القاضي محمد بن سعد وترجمته يقعان في ص ٦٢ - ٦٤، والرسالة بتاريخ ١٤ ربيع ٢، ١٥٦ (١٨٤٠). عن محمد بن سعد انظر أيضا الكتاني: سلوة الأنفاس، ج ٣/ ٧٨، وقد تحصل كور على بعض الوثائق، ومنها الرسالة المذكورة، من القاضي شعيب بن علي، انظر أيضا ك ٤٨ (الخزانة العامة - الرباط).