اهتمام الفرنسيين بالجنوب والمعاملات مع بلاد السودان والحد من نشاط السنوسية، كما أن في عهده المبكر حدثت حرب طرابلس، وربما كان ذلك أيام دراسته في تونس، وكانت تونس عندئذ تشهد أيضا نشاطا سياسيا على يد بعض شيوخ الزيتونة وحركة الشباب التونسي، وأخيرا نذكر معاصرته للحرب العالمية الأولى وظهور الحركة الإصلاحية والتجمعات السياسية بعدها.
فلا غرابة أن يتأثر العوامر بكل ذلك في وظيفه وتأليفه، درس على شيوخ الوادي ومنهم عبد الرحمن العمودي ومحمد العربي بن موسى، وفي تونس دخل الزيتونة ودرس على الشيوخ: محمد النخلي ومحمد الخضر حسين، وكلاهما كان من المتنورين، وهما من شيوخ ابن باديس أيضا، ولا ندري تواريخ إقامته في تونس ولا تواريخ توظيفه، إنما نعلم أنه توظف في القضاء بمحكمة الوادي التي كانت تحت إشراف المكتب العربي (العسكري). وشارك في النشاط الثقافي بتأليفه في العروض والمواريث والتاريخ والتصوف (١). ويبدو أنه كانت له علاقة أو إعجاب بالشيخ المولود بن الموهوب مفتي قسنطينة فقد شرح العوامر له نظمه في العروض وشطر قصيدة له، ونشر ذلك في جريدة (الفاروق). وكانت القصيدة في ذم البدع والدعوة إلى الإصلاح الاجتماعي، وكان ابن الموهوب من أنصار دعوة الشيخ محمد عبده، واهتم العوامر أيضا بالطرق الصوفية التي كانت متنفذة ومنها في الوادي: التجانية والقادرية والرحمانية، وقد انضم إلى جميعها رغم ما بينها من اختلاف في المواقف السياسية، وكانت التجانية هي طريقة والده والقادرية طريقة والدته، أما الرحمانية فقد يكون أعجب بها من خلال شيخه محمد الصالح شيخ زاوية سيدي سالم بالوادي، وقد خص العوامر شيخه محمد الصالح بتأليف، ولعله انتمى لهذه الطرق للاحتماء بها فقط لأن بعضها كانت ذات نفوذ لدى السلطات الفرنسية، ومما يلاحظ عليه أنه انضم إلى قادرية الجريد (توزر) بزعامة الشيخ المولدي بدل قادرية الوادي بزعامة الشيخ