الحسين بن أعراب، ولكن مذهب الإمام مالك كانت له متونه وشروحه قبل ذلك، ومن أشهرها تحفة الحكام لابن عاصم، والمدونة لسحنون، والمختصر لابن الحاجب، والرسا لة للقيرواني.
ومنذ الاحتلال الفرنسي للجزائر أبقت الإدارة الفرنسية على هذه المصادر الفقهية، وأبقت القضاء الإسلامي على ما هو عليه في المرحلة الأولى، أي خلال العشرية ١٨٣٠ - ١٨٤٠، بينما نشأت محاكم فرنسية عسكرية ومدنية موازية، أخذت تنتزع بالتدرج صلاحيات المحاكم الإسلامية، إلى أن لم يبق للمحاكم الأخيرة سوى قضية النكاح والطلاق، وخلال ذلك قام علماء الفرنسيين بالاطلاع على مصادر الفقه الإسلامي، وترجموا نصوصها إلى الفرنسية، وكان على رأسها متن الشيخ خليل (المختصر). وكان المستشرقون يساعدون رجال الحكم على التعرف على المصادر الكبرى للتشريع الإسلامي بالترجمة الكاملة أو الجزئية، والتعريف بأكابر فقهاء المسلمين وارائهم.
وكانت المدارس الشرعية - الفرنسية الثلاث التي أنشأتها الإدارة الفرنسية بالجزائر تهتم بالفقه بالدرجة الأولى، لأن مهمتها هي تخريج القضاة المسلمين الذين تحتاجهم الإدارة، ولكن هذه الدراسات لم تكن قوية متجددة مع الزمن، ولها مدرستها الفكرية ومجتهدوها، وإنما كانت تعتمد على مختصرات المؤلفات التي ذكرناها، وعلى تقليدها دون تعمق في محتواها ولا في لغتها، وخلال ذلك كانت الجزائر تفقد بقية علمائها دون أن تعوضهم بأمثالهم أو بمن هو أفضل منهم، إلى أن تجمدت الدراسات الفقهية وأصبحت عبارة عن اجترار القواعد دون فهمها وتطبيقها، وكانت الإدارة الفرنسية تتفادى توظيف العلماء الجزائريين الذين لم يتخرجوا من مدارسها الثلاث المذكورة خشية أن يكونوا حاملين معهم بذور التشويش الديني والسياسي، ولا سيما أولئك الذين درسوا في المعاهد الإسلامية خارج الجزائر، فكان معظم هؤلاء لا يرجعون إلى وطنهم لوجود الفرنسيين فيه ولعدم إمكانية التوظف، فإذا أضيف إلى ذلك غزو القضاء الفرنسي للفقه