للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجبن. وأشار إلى موت القائد الإسباني في المعركة (١). ويهمنا أن نشير إلى نقطتين في هذه القصيدة، الأولى اعتبار الشاعر تلك المعركة أخذا بثأر غرناطة التي كان أخذ الإسبان لها ما يزال قريب العهد، والثانية إشادته بحسن باشا وبالعثمانيين، وكلتاهما تؤكد ما ذهبنا إليه من أن الجهاد كان مشتركا وأنه كان يمثل الرابطة القوية بين العثمانيين والسكان. وما يزال شعر ابن خلوف يحفظه الناس، ولا سيما مدائحه النبوية.

وهناك قصة عالم وشاعر من تلمسان سجلها ابن مريم في كتابه (البستان) وهو عبد الرحمن بن موسى. فقد وقف هذا الشاعر موقفا مؤيدا لمساعي العثمانيين في استرداد وهران من الإسبان ووصفه ابن مريم بأنه كان (فظا غليظا على كل جبار عنيد) وأنه لم يكن مغمورا في بلده تلمسان بل تجول وأخذ العلم عن علماء زواوة أيضا. وحين توفي سنة ١٠١١ مشى الناس في جنازته (حنى الترك) (٢). ولابن موسى أشعار كثيرة في المديح النبوي، ولكن الذي يهمنا هو شعره السياسي. فله شعر قاله في شيخه عند حصار وهران على يد حسن باشا بن خير الدين، وآخر عندما هدم الباشا المذكور حصن المرسى الأعلى وهرب الإسبان من ذلك إلى الحصن الأسفل. وقد هنأ بهذا الشعر الباشا على فتح الحصن بقوله: هنيئا لك باشا الجزائر والغرب ... بفتح أساس الكفر، مرسى قرى الكلب وهو يشير بباشا الجزائر والغرب إلى وسط الجزائر وغربها على أساس أنه حاكم الجزائر كلها، بما في ذلك غربها، لأن نفوذ العثمانيين هناك كان جديدا. وكان فتح الحصن المذكور سنة ١٠٠٧، حسب رواية ابن مريم. والظاهر أن ابن موسى كان من بقايا العلماء المؤيدين للعثمانيين بتلمسان. وقد كان بالإضافة إلى الشعر، ماهرا في الحساب والفرائض والنحو واللغة والفقه والحديث.


(١) المهدي البوعبدلي (الثغر الجمافني) ٢٣ - ٢٧. انظر أيضا مارسيل بودان (مجلة جمعية جغرافية وهران)، ١٩٣٣، ٢٥٣ - ٢٦٢.
(٢) ابن مريم (البستان)، ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>