عدم اتخاذ العدة اللازمة لذلك قد يؤدي بالوجق إلى الثورة أو التمرد ضد الحاكم، أو عزل الباي المسؤول. وبقدر ما كان الباشا أو الباي يستعد لحرب الإسبان أو الانتصار عليهم بقدر ما كان ذلك رصيدا لصالحه في الحكم والشعبية. ونفس الشيء يقال عن العلاقة مع الجزائريين، فقد كان العلماء يقفون إلى جانب المجاهدين من الحكام. وكان الشعراء والكتاب يحضونهم أيضا على جهاد الإسبان، ويمنون من يفعل ذلك منهم بالخير والبركة وحب الناس والفوز عند الله. وإذا انتصر العثمانيون على الإسبان، مثل ما حدث سنة ١١١٩ وسنة ١٢٠٥، لهجت الألسن بالمديح والثناء للباي والداي والمسؤولين على هذا الانتصار وللجيش الذي حققه ولقواده الأبطال. وخرج الشعراء والكتاب يسجلون هذا الانتصار، فيكون ذلك سببا في حب الناس للعثمانيين ونشر الدعاية لهم (١). وهذه الأهمية السياسية للجهاد جعلتنا نفرده بهذه السطور.
٢ - ولنذكر هنا نماذج من مواقف الأهالي من الجهاد ضد الإسبان ومواقفهم من العثمانيين ففي معركة مستغانم بين المسلمين والإسبان سنة ٩٦٥ المعروفة (بمعركة مازغران) اشترك الشاعر الشعبي الشهير الأكحل بن خلوف، المعروف بالأخضر، فيها شخصيا. وقد سجل قصة المعركة في قصيدته التي مطلعها:
يا سايلتي عن طراد الروم ... قصة مازغران معلومة
فذكر حسن باشا قائد الجيش الإسلامي وأعماله خلال المعركة والأهالي الذين ساهموا في الجهاد والطريق التي مر بها الجيش الإسباني بقيادة (الكونت دالكادوت) وتحدث عن معنويات الجيش الإسلامي والجيش الإسباني: فهنالك الشجاعة والإقدام والحزم، وهناك الذعر والخوف
(١) مثال ذلك تلك الشعبية التي كسبها محمد بكداش باشا وصهره أوزن حسن والباي مصطفى بوشلاغم في الفتح الأول لوهران والباي محمد الكبير وحسن باشا في الفتح الثاني.