للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلمسان، قد بدأوا في التحالف مع بعض الجزائريين المقيمين حول مدينة وهران، كبني عامر، الذين أجبرتهم الظروف الاقتصادية على التعامل مع الإسبان (١). وكان هذا محاولة لمد النفوذ الإسباني داخل البلاد. كما أن الإسبان قد حاولوا الاستيلاء على مستغانم وإيجاد قلعة بحرية جديدة لهم تكون أقرب إلى مدينة الجزائر من وهران. وهذه المحاولات لإضعاف الوجود العثماني في الجزائر بالإضافة إلى عدة حملات أوروبية بزعامة إسبانيا ضد الجزائر (حملة شارلكان، وحملة أوريلي، الخ) قد جعلت العثمانيين في الجزائر في حالة حرب مستمرة، ولا سيما في إقليم الغرب. فإذا كان إقليم الشرق (قسنطينة) وإقليم الوسط. (التيطري) قد نعما بالهدوء النسبي، فإن إقليم الغرب كان في حالة توتر، بل حالة حرب مستمرة. وقد أثر هذا الوضع على الحياة الاقتصادية والاجتماعية، كما أثر على الحياة الثقافتة (٢). كما سنرى.

ولكن أكبر تأثير لهذا الوضع كان على الإدارة المركزية من جهة وعلى العلاقات بين العثمانيين والجزائريين من جهة أخرى. ذلك أن الموقف من جهاد إسبانيا هو الذي كان يقرر مصير الباشا أحيانا. فالتواني في حربهم أو


(١) ذكر بيتز الذي أقام خمس عشرة سنة في الجزائر وشارك في الحرب ضد إسبانيا في وهران خلال القرن الحادي عشر (١٧ م) أن الإسبان كثيرا ما كانوا يغيرون على القرى المجاورة ليلا ويأخذون معهم الرجال والأطفال والنساء والماشية وكل شيء. وهم يحملون الجميع إلى إسبانيا ويعتبرون أولئك الأهالي أسرى. وفي الأحوال العادية كان الإسبان أيضا يستفيدون اقتصاديا من وجودهم بوهران. ذلك أن الجزائريين المجاورين كانوا يحضرون إلى أسواق وهران القمح والشعير والزبدة والعسل والغنم والشمع ونحوها فيأخذها الإسبان إلى بلادهم. انظر بيتز (حقائق) ١٢١.
(٢) ألفت عدة كتب وقيل شعر كثير في فتح وهران الأول سنة ١١١٩ والثاني سنة ١٢٠٥. كما ساهم العلماء في الحروب أمثال الرماصي وابن حوا وأبي راس وابن زرفة. وتأثرت بعض المدن من انتقال السلطة منها أو إليها مثل مستغانم ومازونة ومعسكر وتلمسان ووهران. كما تأثر بعض السكان في علاقاتهم الاقتصادية بالإسبان أو انقطاعها حسب ظروف الحرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>