التسيير لهذا الجهاز (الوقف) الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، والذي ورث منه العهد الفرنسي نفس التركة، من وكلاء مجربين ومحاسبات دورية وسجلات محفوظة وهيئة علمية ساهرة ومستفيدة. وبالإضافة إلى ذلك نجد في كتابات بعض الفرنسيين مادة كبيرة سجلت موقف السلطات من أملاك الوقف الإسلامي من البناءات الدينية، هدما وبيعا وتحويلا عن الغرض الديني. ومن الكتاب الذين تناولوا هذا الموضوع ألبير ديفوكس، وأوميرا، وأشيل روبير، وشيربونو، وبروسلار، وفيرو، والإسكندر جولي، وهنري كلاين، ولويس رين، وديبون وكوبولاني.
وفي الكتب المتخصصة بالمناطق والمدن (المونوغرافات) نجد وصفا مفصلا أحيانا للمؤسسات الدينية في كل منطقة، وهي الكتب التي ألفها عادة رؤساء المكاتب العربية الذين عملوا في المنطقة طويلا وخبروها، فجمعوا من تقاريرهم ومذكراتهم وملاحظاتهم كتبا نشروها بعد انتهاء مهامهم أصبحت ذات قيمة بما فيها، وتضم معلومات خاصة ومفصلة. ومن ذلك بعض الكتب المتعلقة بزوايا ومساجد زواوة والأوراس، وبعض المناطق الأخرى مثل تيهرت (تيارت) والمدية ووادي سوف وغرداية. ومن المؤلفات الجزائرية التي تعرضت للموضوع كتاب حمدان خوجة (المرآة)، وكان أول وثيقة تستنكر فعل السلطات الفرنسية من المساجد والأضرحة وعظام الموتى، وأول من رفع صاحبه عقيرته بالاحتجاج بالقلم على ذلك الفعل. ولكن الكتاب يظل مقتصرا على فترة قصيرة جدا. (ثلاث سنوات) من عهد الاحتلال البغيض. ولو عاش حمدان خوجة بعد ذلك في الجزائر وشاهد ما ارتكب في عهد خلفاء كلوزيل، مثل بي جو وراندون وبيليسيه الخ. لما سكت عن أفعالهم ولترك ربما لنا تفاصيل أخرى مفيدة. وهناك كتابات ليست فرنسية ولا جزائرية حول الأسلوب الفرنسي في التعامل مع التراث الديني الجزائري. نذكر منها مؤلفات القسيس بلاكسلي، وبولسكي، وسيتون، ومورقن. وهم رحالة سجلوا ملاحظاتهم على سلوك الاحتلال في عقوده الأولى. إن على المرء أن يتوقف قليلا ويتأمل في فعل الفرنسيين في الجزائر