القصبة). وكان الداي حسين قد أضاف إليه الزليج المستورد من الخارج، وهذا فقط ما يميزه، حسب رواية ديفوكس، وله منارة مثمنة ذات نسب صغيرة، كما له بابان، أحدهما يفتح على شارع القصبة والثاني على شارع النصر (فيكتوار).
هذا المسجد احتلته السلطات العسكرية الفرنسية سنة ١٨٣٠ وجعلته مرقدا للجنود. وفي ١٨٣٩ أعطاه سلاح الهندسة العسكرية إلى أملاك الدولة التي سلمته في نفس اليوم إلى إدارة الشؤون الداخلية (المدنية). فقامت هذه بمنحه لقمة سائغة إلى الديانة الكاثوليكية. ومنذ ذلك الوقت أصبح يحمل اسم كنيسة (سانت - كروا) أو الصليب المقدس. ولا ندري هل ذلك كان انتقاما من المسلمين أو من حسين باشا؟ وقد أكد أوميرا وكلاين هذا المآل للجامع. وأضاف الأخير بأن المحكمة التي كانت بجوار الجامع قد ضمت إلى الكنيسة أيضا (١).
٩١ - مسجد القصبة الداخلي: هذا مسجد آخر قديم ولكن الداي حسين جدده ووسعه أيضا سنة ١٨١٩/ ١٢٣٤. وكان يقع داخل القصبة خلافا للمسجد السابق. ويصفه ديفوكس بأنه كان كبيرا ومكشوفا وبسيطا، وكان قديما جامع خطبة للإنكشارية المكلفين بحماية وحراسة القلعة قبل انتقال الباشوات إلى أعلى القصبة. والداخل إلى الثكنة العسكرية التي استولى عليها الفرنسيون ووضعوا فيها المدفعية، يرى أمامه مسجدا جميل المنظر كبير الحجم تعلوه قبة مزخرفة من الداخل بعرصات مرمرية جميلة متقاربة وعالية، وهي في نسبها وفي مواقعها تسر الناظرين. ولكن المرء يشاهد بداخل المسجد صفوفا من الأسرة للجنود مما يفسد رشاقة منظر المحراب. هذه هي نهاية المسجد الذي يستحق، حسب ديفوكس، مصيرا أفضل. ومعنى هذا أن الفرنسيين اتخذوا المسجد المذكور مراقد لجنودهم وبيتا يعبثون فيه ويعربدون.
(١) ديفوكس، ٢٣٥، وأوميرا ١٨٦. كان الفرنسيون يكررون عند الحملة على أنهم سينتقمون من الداي فقط ثم يرجعون إلى بلادهم. انظر التعليق حول جامع القصبة، لاحقا.