للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن هذا المسجد الذي بناه الداي حسين ليكون جامع خطبة الجمعة، كان يكتسب أهمية خاصة على توالي الأيام باعتباره قريبا من مقر إقامة الباشوات. وتشهد الكتابات التي وجدت فيه على ذلك (ثلاثة أبيات شعرية تقليدية تؤرخه وتذكر اسم بانيه وتدعو له الخ). وبداخل الجامع مقصورات خاصة بالداي وعائلته وأصدقائه، تؤدى فيها الصلاة. ويفهم من وصف ديفوكس أن مصير هذا الجامع أو التحفة العمرانية هو وضع السلطات العسكرية يدها عليه، ولكن ديفوكس لم يقل صراحة كيف تم تحويل هذا الجامع عن غرضه. فاكتفى أوميرا بقوله إن الجامع كان دائما ضمن الشقق الخاصة بالداي وعائلته وأقاربه (١).

ويبدو أن جامع القصبة قد بقي في أيدي العسكريين. ففي سنة ١٩٠٤ كتب ألبير باللو يقول إن أحد مسجدي القصبة ما يزال مخزنا لملابس الجنود (٢).

٩٢ - مسجد سيدي بوقدور: مسجد صغير كان يستعمل لتحفيظ القرآن الكريم. وكان يضم قبر الولي بوقدور، بدون رايات ولا زخارف. وأصل التسمية ترجع حسب أسطورة شعبية إلى عهد حملة شارل الخامس ضد الجزائر سنة ١٥٤١. ففي هذه السنة قاد شارل الخامس (شارلكان) أسطولا عظيما، ثم قامت عاصفة هوجاء حطمت معظم الأسطول (٣). وكاد


(١) ديفوكس، ٢٣٥ - ٢٣٦، وأوميرا، ١٨٥.
(٢) البير باللو (الفن الإسلامي في الجزائر) في المجلة الإفريقية، ١٩٠٤، ص ١٧٠ - ١٧٥. وهو يقول إن منارتي مسجدي القصبة (مسجد الداي حسين ومسجد القصبة الداخلي) في شكل مثمن، مثل منارة جامع كتشاوة وجامع علي بتشين (كلاهما تحول إلى كنيسة).
(٣) عن حملة شارلكان ضد الجزائر انظر أحمد توفيق المدني (حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر وإسبانيا)، ط. ٢، انظر أيضا كتابنا هذا ج ١. وتدخل حملته في الصراع بين الدولة العثمانية والدولة الإسبانية. وهي من الوقائع التاريخية التي لم يقدرها الجزائريون والمسلمون عموما حق قدرها إلى الآن. انظر أيضا كتاب جون وولف (الجزائر وأوروبا) من ترجمتنا. الجزائر، ١٩٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>