للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثائق الأوقاف لمعرفة العدد والأسماء والمواقع الصحيحة، وكذلك كتب الرحالة القدماء. وإذا كانت معظم المساجد قد هدمت أو حولت عن غرضها حسبما جاء في أعمال ديفوكس، فإنه أشار إلى أن بعضها كان (ما يزال في أيدي المسلمين)، أي خلال الستينات، عهد المملكة العربية ومراعاة حياة المسلمين تحت مظلة نابليون الثالث الذي قال إنه (امبراطور العرب والفرنسيين معا). ولا شك أن الأمور قد تغيرت بعد ذلك.

ففي سنة ١٨٧٠ انتصرت الليبرالية وحلت الجمهورية الثالثة محل الامبراطورية الثانية وحل الاستعمار المدني محل الاستعمار العسكري، وانطلق العهد الثاني من تخريب وتشويه كل ما هو (أهلي). وقد اختفى ديفوكس الذي حصل على مجموعة من الأوسمة والنياشين على أعماله. وظل الفأس والمطرقة يعملان في البنايات الإسلامية، ومنها المساجد. ولذلك فإن أوميرا الذي كتب بعد ربع قرن من ديفوكس لم يذكر سوى ٣٢ مسجدا وجامعا قال عنها إنها هدمت أو حولت إلى مصالح عسكرية أو مدنية، وأضاف أنه لم يبق سوى ستة مساجد داخل مدينة الجزائر احتفظت بوظيفتها الإسلامية. ولكن هذه قد تقلصت أيضا، فلا الجامع الكبير ولا الجامع الجديد بقي كما كان حجما وأوقافا وتوابع. مثلا هدمت الزاوية والمدرسة التي كانت تابعة للجامع الكبير، وأزيل نصيب من الجامع الجديد، كما أوضحنا. بل كاد الجامعان يختفيان أيضا. ولم يذكر باللو سنة ١٩٠٤ سوى ستة مساجد قال إنها ما تزال على قيد الحياة وتؤدي وظيفتها الإسلامية (١).

وبعد حوالي ربع قرن كتب أشيل روبير عن مساجد العاصمة فقسمها إلى قسمين رئيسيين، مساجد المذهب المالكي وعددها، كما قال، ٨٩ مسجدا بين كبير وصغير. ومساجد المذهب الحنفي وعددها أربعة عشر.


(١) وهي الكبير والجديد وسيدي رمضان وصفر (سفير)، والثعالبي ومحمد الشريف. انظر باللو، المجلة الإفريقية، ١٩٠٤، ص ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>