للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النفوذ والجاه والثروة والعلم. وبذلك تناقص عدد المترددين على المساجد، حسب رأي بولسكي. أما الجيش الفرنسي والمستوطنون الأوروبيون فقد كانوا في ازدياد، وكانوا جميعا في حاجة إلى منازل ومقرات للإقامة، فكانت المساجد هي إحدى الوسائل. وهناك ملاحظة أخرى أبداها بولسكي أيضا وهي أن دخول المساجد لم يعد ممنوعا، بل أصبح الأوروبيون يدخلونها بحرية بعد نزع أحذيتهم، وهذا بالنسبة للمساجد القائمة التي تؤدي وظيفتها أما تلك التي تحولت عن غرضها وعطل العمل الديني فيها فقد عرفنا أنها ديست بالأقدام وغيرها وأصبحت أماكن للعربدة والعبث، بل واسطبلات.

ويذكر مؤلف آخر أنه دخل جامعا قديما فوجد فيه الجنود يعربدون ويصرخون، وهم يعزفون على آلاتهم الموسيقية ويضربون الطبول وغيرها لأن هذا الجامع السيء الحظ قد جعلته السلطات الفرنسية مقرا لإحدى الفرق العسكرية (١). (انظر عنه قائمة المساجد، والمقصود به جامع الداي حسين بالقصبة).

وقد تساءل أوميرا نفسه سنة ١٨٩٨ قائلا: ماذا بقي من ال ١٥٠ مسجدا. التي كانت بالعاصمة؟ ثم أجاب: إن ثلاثة منها قد حولت إلى كنائس كاثوليكية، وبعضها حول عن غرضه وأعطى إلى المصالح العامة، عسكرية ومدنية، ثم إن معظم المساجد حدث لها ما حدث للزوايا والأضرحة. فقد هدمت لفتح الطرق والساحات أو توسيعها أو بناء مؤسسات عمومية كبيرة كالمستشفيات والمدارس والمسارح والكنائس (٢). وكان الليسيه (الثانوية) الأول في الجزائر المعروف فيما بعد باسم ليسيه بوجو، قد ابتلع عددا كبيرا من المباني الدينية من مساجد وأضرحة، كما ابتلع جبانة باب الواد الشهيرة، حتى وصفه ديفوكس بالبعبع أو الوحش.


(١) ج. ل. ديتسون (الهلال والصليبيون الفرنسيون)، نيويورك، ١٨٥٩، ١٠٣.
(٢) أوميرا، مرجع سابق، ٢٠٠. ولكن أوميرا يعترف أن حكومته قد هدمت جامع السيدة قبل (التفكير) في إنشاء ساحة الحكومة، نفس المرجع، ص ١٧٧ - ١٧٨. لاحظ قوله إن بعض المساجد حولت إلى مسارح، وهو ما لم يرد فى ديفوكس.

<<  <  ج: ص:  >  >>