للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد، ولذلك كانوا يأتون إلى هذه الكنيسة/ الجامع متطفلين ليشاهدوا الطقوس الدينية عند المسيحيين. ولا ندري أي صنف من (العرب) تتحدث عنه، وكيف يصح ذلك مع الروايات الأخرى التي تصف المسلمين (العرب) بالتعصب الديني؟ لا شك أن الواعين من أهل قسنطينة كانوا يفرقون بين الله الواحد وآلهة الشرك والتثليث، وبين الإسلام والنصرانية. وكان بعض رؤساء العرب قد دعاهم الفرنسيون إلى هذا الاحتفال فحضروا (١). أما ميرسييه فقد اكتفى بالقول إن جامع سوق الغزل قد اختفى بعد تحويله إلى كاتدرالية.

وجامع سوق الغزل منسوب إلى الباي حسين وكمية الذي كان حاكما سنة ١١١٥ (١٧١٣). وهناك كتابة تخلد ذلك، ذكرناها في مكانها. هذا هو الشائع والموثق. ولكن باحثي الفرنسيين حصلوا من الشيخ مصطفى بن جلول على وثيقة تثبت أن جده عباس بن علي جلول (عباس بن عبد الجليل)، هو الذي بنى الجامع بنقوده في حي سوق الغزل، ولتخليده وضع عباس لوحة رخامية فوق الباب الرئيسي عليها نقش بالخط المشرقي نادر المثال، ولكن الباي حسين، دعاه وطلب منه أن يضع هو اسمه بدل عباس على النقيشة التلخيدية، وما دام طلب الحكام يعتبر أمرا فقد وافق عباس على طلبه وأعطاه التعويض على البناء، أو اعتبره هدية. وبعد موت عباس جاء الحسدة والكائدون ووسوسوا للباي بأن عباس ما وضع اسمه إلا ليكون هو المخلد وأن أهالي قسنطينة سينسون اسم الباي، فقام هذا بمحو اسم عباس ووضع اسمه بدله. ولكن ما قيمة كل ذلك عند الله وعند الفرنسيين؟ إذا كان الله هو الذي يعرف حقيقة ما جرى بين الباي حسين وعباس بن جلول، فإن الفرنسيين لا يعنيهم ذلك في شيء، وإنما الذي كان يعنيهم هو الاستيلاء على هذا الجامع النادر الصنعة والذي جلبت إليه أحجار الغرانيت من نواحي عين ياقوت، كما يؤكد شيربونو، وكان موقع الجامع هو ساحة قصر الباي أحمد (٢).


(١) السيدة بروس Prus (إقامة في الجزائر)، لندن، ١٨٦٤ ص ٢٨٨.
(٢) شيربونو (روكاي)، ١٨٥٤? ١٨٥٥، ١٠٢، ١٠٧. واللوحة الرخامية المخلدة للبناء =

<<  <  ج: ص:  >  >>