للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت مدينة معسكر هي العاصمة السياسية والعلمية قبل انتقال مقر السلطة إلى وهران سنة ١٧٩٢. ثم جعلها الأمير عبد القادر أيضا عاصمة ملكه. فكانت معسكر مؤهلة بمبانيها ومساجدها ومدارسها القديمة وتجارها وعلمائها لكي تقود من جديد وتشع على النواحي. ولكن العدو ضربها، كما قلنا، سنة ١٨٣٥، وأضرم النيران في أحيائها وتركها دخانا ثم غادرها. وكان لذلك الفعل الفظيع أثره على الحياة الدينية والعلمية. لقد رجع السكان إليها وأعادوا بناء منازلهم ولكنهم ظلوا يتوقعون عودة العدو. لذلك أخذ الأمير يعد العدة لبناء عاصمة داخلية أخرى بعيدة عن متناول الفرنسيين وهي (تاكدامت). وقد عاشت معسكر مع ذلك مدينة ذات طابع عمراني خاص. ففي تقرير الفرنسيين لسنة ١٨٣٩ جاء أن هذه المدينة في حالة متدنية، وليس فيها من السكان سوى ٣، ٨٤٠ نسمة. وهي تقريبا مدينة مهدمة (١). لكن تقرير ١٨٤١ يذكر أنها قد بنيت من جديد وأن ما هدمته حملة ١٨٣٥ قد بناه العرب وأصلحوه، وأن المدية في حالة جيدة باستثناء بعض المشاريع غير ذات الأهمية (٢).

أما عن المساجد في معسكر فليس هناك إحصاء لها. وإنما تذكر التقارير بعض المساجد عرضا لجمالها أو لموقعها في المدينة. ففي داخل سور المدينة يوجد مسجدان، أحدهما ربما هو مسجد الباي. وكانت معسكر في عهد الباي محمد الكبير عاصمة سياسية وعلمية واقتصادية. وقد شيد فيها هذا الباي بعض المساجد. ولا ندري ماذا حدث لمسجد الباي في حكم الفرنسيين، ولا للمسجد الآخر. وربما استغلتهما السلطات الفرنسية لبعض المصالح الدنيوية قبل التخلي عنهما.

وتشير المصادر إلى المسجد الذي يقع في ضاحية العين البيضاء جنوب المدينة دون إعطاته اسما، وقد أعجبت به التقارير الفرنسية لجمال بنائه


(١) سجل (طابلو) سنة ١٨٣٩، ٢٠٢، ٢٦٥.
(٢) نفس المصدر، سنة ١٨٤١، ٢٣ - ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>