للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قبل بعض الفرنسيين، كما أن أهلها قد سجلوا ذلك منذ القديم. ومن الذين كتبوا عن مساجد تلمسان شارل بروسلار الذي استغل وجوده كرئيس للمكتب العربي فيها وتلقى المعلومات الكافية من علماء وأعيان البلاد ونشر عن ذلك سلسلة من المقالات في المجلة الإفريقية تحت عنوان (الكتابات والآثار العربية في تلمسان)، كما خصها الباحث جورج مارسي وأخوه ويليام بكتاب في أوائل هذا القرن حللا فيه أوضاع وتواريخ مساجد تلمسان (انظر الهامش). ويقول أبو حامد المشرفي الذي زار تلمسان بعد الاحتلال: إن بها نحو ثلاثين مسجدا غير الجامع الكبير (١). وأما تقرير الفرنسيين سنة ١٨٣٩، أي قبل احتلالها، فيقول إن بها عددا كبيرا من المساجد، دون تحديد، معظمها صغير الحجم ما عدا الجامع الكبير الذي يتميز بالضخامة والصومعة العالية ووقوعه وسط المدينة. وقال التقرير إن المدينة تتمتع بأمن تحسدها عليه أكبر المدن. وكانت بعض المساجد، مثل مسجد سيدي أبي مدين شعيب، تقع في الضواحي التي كانت تعتبر (قرى) مجاورة لتلمسان مثل العباد والمشور وعين الحوت وعين الحجر (٢)، وجامع سيدي محمد بن يوسف السنوسي. وأشار التقرير أيضا إلى المنصورة ومنارتها الأثرية العالية.

ففي العباد، عند قدم جبل بني ورنيد ولاله ستي، يوجد مسجد سيدي أبي مدين (٣). وقد اعتبره الفرنسيون أجمل بناية أثرية دينية في إقليم وهران كله. وقالوا إن لهذا الأثر مداخيل عظيمة من الأوقاف حتى أنهم قدروا أنه يملك ربع أملاك مدينة تلمسان كلها وما حولها في شكل هبات. كما أن البناية لها صفة الملاذ الذي من دخله أمن على نفسه، ولو كان من أكبر المذنبين. ولا شك أن هذه المداخيل هي التي سال لها لعاب الفرنسيين بعد استيلائهم على تلمسان سنة ١٨٤٢، فقد بادروا بوضع أيديهم على جميع الأوقاف التابعة لسيدي أبي مدين وغيره من المساجد والزوايا والقباب.


(١) أبو حامد المشرفي (ذخيرة الأواخر والأول)، مخطوط، ص ١٩.
(٢) السجل (طابلو)، ١٨٣٩، ٢٨٩ - ٢٩٠.
(٣) عن حياته انظر فصل الطرق الصوفية.

<<  <  ج: ص:  >  >>